صعب ان تكون رئيس حكومة زمن الازمات الكبرى ،وصعب ان تدبر الشأن العام وامكانياتك المادية محدودة،وصعب ان لا يتركوك بعض المشوشين تشتعل ويحاسبونك نهاية الولاية،لكن في علم السياسة هذه هي ضريبة ان تكون فاعلا سياسيا في نظام يمر بانتقال ديمقراطي هش وبطيء.
اقول هذا الكلام بمناسبة ظهور تصدع كبير داخل احزاب التحالف الحكومي الذي يقوده اخنوش، واقصد ما ظهر اليوم من اجنحة وحركات تصحيحية داخل حزبي الاستقلال والاصالة والمعاصرة.
وهو ما سيزيد من متاعب رئيس الحكومة الذي ورث إرثا ثقيلا عن الحكومة الملتحية اجتماعيا واقتصاديا اولا.ويواجه مخاطر الجفاف والغلاء وارتفاع ثمن المحروقات وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الاكرانية بكل عزيمة ثانيا .ويحاول ان يحافظ على اغلبيته بعد ظهور أزمة سياسية داخل أحزاب أغلبيته، وأقصد حزبي الاستقلال والاصالة والمعاصرة،حيث يعيش الحزبان على صفيح ساخن ثالثا.
حزب الاستقلال يتطاحن فيه جناح نزار بركة مع جناح ولد الرشيد الذي يناور من اجل التحكم في الحزب، ونقل الامانة العامة لحزب علال الفاسي الى النخب الصحراوية بعد ان تداولت عليها النخب الفاسية والمراكشية.
اما حزب الاصالة والمعاصرة فهو يعيش على إيقاع أزمة صامتة بدأت تظهر على شكل حركات تصحيحية،
مطالبة انقاذ الحزب من سياسة التحكم ومن هيمنة النخب جهة مراكش اسفي. رئيسة المجلس الوطني مراكشية،رئيس الفريق البرلماني مراكشي،نائب زئيس الامين العام من مراكش الخ، اضافة الى اتهام وهبي الانفراد بالقرارات.
صحيح أن عزيز أخنوش، نجح كرجل أعمال وحققت مشاريعه الاقتصادية قفزة نوعية. صحيح -ايضا-انه ربح رهان استحقاقات شتنبر،وسحق الاسلاميين سحقا تاريخيا.صحيح - ايضا- انه استطاع تشكيل حكومة في زمن قياسي.صحيح - ايضا- ان جعل من حزب التجمع الوطني قوة حزبية تقود الحكومة كما وليس كيفا. صحيح - ايضا- انه واجه بقوة وفي صمت الازمات الاربع: تداعيات جائحة كورونا، ارتفاع مستوي المعيشة وغلاء المحروقات، اثار الجفاف ،و مخلفات الحرب الروسية الأوكرانية.
لكن، اذا كان رئيس الحكومة قد نجح- نسبيا- في تدبير الازمات الاربع السابقة الذكر، فان ما يجري من تصدعات داخل احزاب تحالفه الحكومي يزعجه ويقلقه ، لانه
ووجد زعماء الأغلبية في الأسابيع الأخيرة، أنفسهم أمام موجات غضب داخلية تكبر شيئاً فشيئاً، وتهم بأنها تقدم تنازلات لصالح باقي الحلفاء على حساب مصالح احزابهم.
تفويت برنامج "فرصة" لصالح وزارة السياحة التي يرأسها حزب التجمع الوطني للأحرار، كان واحداً من الأسباب الرئيسية لميلاد خلاف كبير بين مكونات الأغلبية.
هذا البرنامج أثار خلافاً داخل الأغلبية الحكومية، حيث كان من المفروض أن يسند تنفيذه والإشراف عليه إلى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، التي يوجد على رأسها يونس السكوري من حزب الأصالة والمعاصرة، غير أن رئيس الحكومة كلف بها وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، التي ترأسها فاطمة الزهراء عمور، من التجمع الوطني للأحرار.
حزب الاستقلال يشعر بأنه أكبر ضحية في التحالف الحكومي الحالي، حيث حرم من الحصول على حقائب تتلاءم مع حجمه الانتخابي، خاصة بعدما أخذ ضمانات من رئيس الحكومة، بأنه خلاله سيحصل على نصيب الأسد في تعيين كتاب الدولة.
ويقضي الدستور في المغرب بأن الملك هو من يعين الوزراء وكتاب الدولة، كما جرى العرف بأن تتفق الأحزاب على تحديد لائحة ترشحها للوزارة ترفعها إلى الديوان الملكي للموافقة عليها، قبل صدور التعيين الملكي.
الحزب يشعر بأن رئيس الحكومة تخلى عن الوفاء بعهوده، لأن موضوع كتاب الدولة أصبح خارج اهتماماته.
هذا الملف أصبحت له تداعيات داخلية في حزب الاستقلال، خاصة بعد إلغاء المحكمة الدستورية مقعداً برلمانياً لصالح رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، والقيادي التاريخي في الحزب، نور الدين مضيان، الذي كان مرشحاً للالتحاق بالحكومة ككاتب دولة.
بعض القيادات رأت في مماطلة رئيس الحكومة، وحكم المحكمة الدستورية، استهدافاً لوجود حزب الاستقلال داخل الحكومة، خاصة بالنظرـ لما وصفته ـ بأنه عمل يجري داخل الحزب بتواز مع الإعداد للمؤتمر الاستثنائي المقبل للحزب، قد ينتهي بمنع أبناء حزب الاستقلال الحقيقيين من التواجد في هيئاته القيادية.
بالاضافة الى ذلك ظهرت حركة تصحيحية داخل حزب الاصالة والمعاصرة، طالبت باستقالة عبد اللطيف وهبي من الأمانة العامة أو تقديم استقالته من الوزارة، بعدما اعتبروه عاجزا عن تبني مواقف الحزب، بمبرر اختلاف موقع المعارضة عن موقع المشاركة في الحكومة، والواقع أن الموقع الحكومي ليس مبررا للانقلاب على مواقف الحزب وبرامجه بدعوى إكراهات التدبير الحكومي، وهو ما يفرض على الأمين العام أن يختار اليوم بين موقعه كأمين عام للحزب أو كوزير للعدل ، وفق ما جاء في بيان للحركة"
ويمثل موضوع المحروقات أهم قضية تثير الانقسام الحاد داخل الأغلبية الحكومية، خرج الصراع والخلاف إلى العلن، وفشلت كل محاولات الحكومة في تطويقه.
وأكد المصدر ذاته أن اللقاء سيعرف نقاشا تقييما لحوالي 9 أشهر من التدبير الحكومي، مشيرا إلى أن عددا من البرلمانيين داخل فرق الأغلبية دعوا زعماء التحالف إلى ضرورة وضع تقييم للأشهر الماضية، والكشف عن خطة الحكومة لمواجهة الأزمة المرتبطة بارتفاع الأسعار.
وسيطرح رؤساء فرق الأغلبية الذين سيحضرون هذا اللقاء أسئلة حول كيفية التعامل مع الأزمة التي فاقمتها الظروف الاقتصادية العالمية،وكيفية تجاوز حزبي الاستقلال والاصالة والمعاصرة تصدعاتهما الداخلية التي اذا ما استمرت فستكون لها عدة تداعيات وخيمة على مستقبل الانسجام الحكومي.