أثار القرار الأخير للمحكمة الدستورية ،حول إسقاط عضوية أربعة برلمانيين ينتمون لكل من حزب الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية برسم الانتخابات التشريعية لثامن شتنبر الماضي،الكثير من النقاش حول شكله ومضمونه ومدى تأثيره على السير العادي للحياة السياسة المغربية، وعلى التناول الإعلامي له.
القرار، الصادر يوم الخميس الماضي19 ماي، عن القضاء الدستوري بصفة رسمية دائرة الحسيمة، شمل قيادين سياسيين بارزين في المشهد السياسي ، والذي ألغى عضويتهم عن نفس الدائرة، التي شهدت منافسة 14 لائحة انتخابية للظفر بـ4 مقاعد بمجلس النواب.
وقد الغى هذا القرار فوز البرلمانيين الأربعة دفعة واحدة بناء على الطعن الذي قدمه عبد الحق أمغار، الذي ترشح في الدائرة نفسها باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. والذي على اساسه سيتم تنظيم انتخابات "جديدة" بالدائرة، ستحدد وزارة الداخلية تاريخها.
.عبد الحق امغار....قرار المحكمة منصف
وكان عبد الحق أمغار المرشح عن حزب الاتحاد الاشتراكي برسم انتخابات 8 شتنبر 2021 ، قد صرح في أول خروج إعلامي له، بعد خبر إسقاط المحكمة الدستورية لأربعة منتخبين عن دائرة الحسيمة من قبة البرلمان، أن الخبر صحيح ، و أن جميع البرلمانيين الذين تم انتخابهم في ثامن شتنبر بدائرة الحسيمة تم إلغاء انتخابهم، كما أن قرار الصادر عن المحكمة الدستورية كان منصفا.
محمد الاعرج....توصلت بخبر الغاء مقعدي عن طريق الصحافة
وفي ذات السياق، كشف البرلماني محمد الأعرج عن حزب الحركة الشعبية، أنه لم يتوصل بأي خبر عن إلغاء مقعده البرلماني وباقي المقاعد بدائرة الحسيمة، إلا عن طريق الصحافة ، مستغربا من انتشار خبر إلغاء المقاعد البرلمانية.
نور الدين مضيان.... أحترم قرار المحكمة الدستورية ومستعد لخوض الإنتخابات مجددا
أما نور الدين مضيان رئيس الفريق البرلماني لحزب الإستقلال بمجلس النواب، فقد قال في ذات التصريح الإعلامي، أنه لم يتوصل بأي وثيقة رسمية تؤكد خبر الإلغاء. وأنه كباقي المواطنين علم بإلغاء المقاعد البرلمانية عن طريق الصحافة دون وجود وثيقة رسمية، وتعجب من تسزيب هذل القرار لوسائل الاعلام قبل نشره رسميا.
د.مدعشا...لا يمكن الحديث عن التسريبات بعد إصدار قرار المحكمة
في ذات السياق، قال هشام مدعشا، أستاذ جامعي مختص في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن الطريقة التي تناولت به الصحافة الموضوع، أوضح أن القرار صدر يوم 19 ماي و كتبت عنه الصحافة في يومه وليس هناك أي تسريب، كما عنونت العديد من المواقع مقالاتها عن الموضوع، لأن الحديث عن التسريب; وما إلى ذلك من عناوين أخرى ذلك يقتضي أن يتم الحديث عن مضمون القرار قبل هذا تاريخ صدوره من طرف المحكمة.وأعتقد أن محاضر اتخاذ القرارات الداخلية يكون فيه حتى ساعة اتخاذ القرار، لذلك كل ما كتب حول تسريبات وما شابه يعطي الانطباع انه مجرد تسابق وتهافت اعلامي للبحث عن "البوز "الإعلامي ونسب السبق الصحفي لهذا الموقع أو ذاك أو لهذه الجريدة أو تلك.
أما بخصوص تبعات هذا القرار فالأمر واضح هو يجب ترتيب الآثار القانونية عليه، كما هو منصوص عليه في القانون بحيث ستبلغ المحكمة الدستورية قرارها إلى الجهة الإدارية التي تسلمت طلب الترشيح وإلى مجلس النواب، وإلى الأطراف المعنية داخل أجل أقصاه ثلاثون (30) يوما من تاريخ صدورها.
وأضاف د.مدعشا، أنه في حالة عدم توفر المحكمة على عنوان الأطراف أو محل المخابرة، يعتبر مقر العمالة التي توجد بها الدائرة الانتخابية الموطن القانوني، كما هو منصوص عليه في المادة 38 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية ، وبعد ذلك سيتم تنظيم انتخابات جديدة بالدائرة المعنية عملا بأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب؛
وعن أسباب إلغاء نتائج هذه الدائرة، تابع الأستاذ المتخصص في العلوم السياسة والقانون الدستوري ، في تصريح لـ"بلبريس" أنه بناء على قرار المحكمة فالمرشحين لم يتقيدوا بضوابط الحملة الانتخابية التي تم سنها من قبل السلطات العمومية، في إطار إنفاذ المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، إذ أقاما تجمعات انتخابية دون ترخيص ودون احترام لمتطلبات التباعد الاجتماعي والوقاية المتخذة في إطار محاربة وباء كورونا كوفيد-19، وهذا ما اعتبرها المحكمة في قرارها يشكل إخلالا بيناً بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين.
د.حامي الدين...أخطاء كثيرة وقع فيها البرلمانيون وعلى وزارة الداخلية ترتيب الآثار القانونية لهذا القرار
عبد العالي حامي الدين أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال أن المحكمة الدستورية قضت بإلغاء انتخاب السادة نور الدين مضيان وبوطاهر البوطاهري، ومحمد الحموتي ومحمد الأعرج أعضاء بمجلس النواب، إثر الاقتراع المجرى في 8 سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية ''الحسيمة''.
وأضاف عبد العالي حامي الدين، ان المحكمة أمرت في نفس الوقت بتنظيم انتخابات جديدة بالدائرة المذكورة عملا بأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وأوضح المتحدث في تصريح لـ"بلبريس"، أنه بمجرد الاطلاع على التعليل القانوني الذي استند عليه قرار المحكمة الدستورية، نجد بأن الأسباب التي كانت وراء إلغاء انتخاب النواب البرلمانيين الأربعة ليست أسبابا موحدة، فبالنسبة لكل من نور الدين مضيان ومحمد الأعرج فإن السبب يتمثل في عدم احترام الأحكام المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية بمناسبة الاجتماعات العمومية المنظمة خلال الحملة الانتخابية، وقد قدّرت المحكمة الدستورية أن هذه المخالفات تمثل مساسا بالمساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين؛مما تعّيَن معه التصريح بإلغاء انتخاب نور الدين مضيان ومحمد الأعرج.
أما بالنسبة لكل من السيدين بوطاهر البوطاهري ومحمد الحموتي، فقد آخذت المحكمة الدستورية عليهما أنهما اعتمدا في حملتهما الانتخابية صورهما المنفردة دون باقي المترشحين في لوائحهما الانتخابية، الأمر الذي ينطوي على غش وتحايل على الناخبين وعدم تمكينهم من معرفة ترتيب المترشحين في كل لائحة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أنه المطعون قد سقط افي انتخابه السيد بوطاهر البوطاهري في خطأ عدم الرد على عريضة الطعن الموجه لها من طرف المحكمة الدستورية ولم يدل بأي مذكرة جوابية، وهو ما اعتبرته المحكمة الدستورية بمثابة إقرار ضمني من طرفه بما تضمنته العريضة المذكورة من مأخذ؛ أما السيد محمد الحموتي، فقد أوضح حامي الدين، أنه وقع في خطأ الإدلاء بمذكرة جوابية خارج الأجل القانوني استبعدتها المحكمة الدستورية، واعتبرت أن المأخذ قائما في حقه؛ الآن يتعين على وزارة الداخلية ترتيب الآثار القانونية لهذا القرار وذلك بالإعلان عن تاريخ جديد لتنظيم انتخابات جزئية بالدائرة المعنية مفتوحة في وجه جميع الأحزاب.
د.لزرق... الأهم أن القرار وصل لرأي العام ولايهم بأي وسيلة
لايمكن أن نتحدث عن التسريب إلا عندما يكون الحكم إبان المداولة أو قبل إصدار القرار، أما في حالة صدور القرار لا يمكن الحديث عن إصداره بل ما يهم هو أن القرار وصل إلى رأي العام، والأهم في قرار المحكمة هو المداولات، وقضاة المحكمة الدستورية.
أما بخصوص القرار فهو يعتمد على السلطة التقديرية على اعتبار أنه هناك قضاة في المحكمة الدستورية، وحتى بخصوص رأيها بأن حالة للطوارئ كان لها تأثير هلى نتائج الإقتراع وبالتالي أن الحكم يبقى غير قابل للطعن ولكن قابل للمناقشة .
في تعليق مقتضب عن خبر “إلغاء” مقعده البرلماني بدائرة الحسيمة ضمن المقاعد التي انتشر خبر إلغائها، ليلة أمس، أكد رئيس الفريق البرلماني لحزب الإستقلال بمجلس النواب أنه لم يتوصل إلى حدود الساعة بأي وثيقة رسمية تؤكد خبر الإلغاء.
د .السعيد...للقرار تأثيرات على المراكز السياسية
قال أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله إن الإشكال المرتبط بقرار المحكمة الدستورية، القاضي بتجريد أربعة برلمانيين من مناصبهم، أثار نقاشا قانونيا حول ما إذا كان الأمر تسريبا، أم انتشارا لمشروع القرار قبل خروجه من الأمانة العامة للمحكمة الدستورية.
وأبرز السعيد أن الإشكال مرتبط بمقتضيات المادة 4 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، والتي تنص على احترام مجموعة من المقتضيات، فيما يتعلق بالسير العادي للمحكمة الدستورية، منها كتمان سر المداولات، وعدم الافشاء، إضافة إلى المادة 8 التي تتحدث عن واجب التحفظ.
وقال المتحدث نفسه إن الإشكال الواقع اليوم، هو أننا لا نعلم إن كانت المعطيات المرتبطة بالقرار، كانت قد خرجت بعد التوقيع عليه، وبالتالي نكون أمام حالة عادية، أم أنه تم تسريب المعلومات قبل التوقيع على القرار، وهنا نكون بصدد افشاء للسر المهني، المرتبط بخرق لمقتضيات المادة 8 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، وبالتالي هنا يجب على المعنيين بالأمر أن يوضحوا ذلك عبر بيان للرأي العام.
وأضاف أمين السعيد "نحن بصدد قرار يلغي جميع المقاعد في دائرة انتخابية تشريعة محلية، ولأول مرة، خصوصا أن للقرار تأثيرات على المراكز السياسية، لأنه يلغي دائرة محلية انتخابية، وكذا أعضاء لهم وزن، خصوصا على مستوى مراكزهم الحزبية، ومواقعهم الوظيفية.