الجزائر لم تتخط بعد واقع الصدمة.. وورقة الغاز سبيلها الوحيد للانتقام من اسبانيا

لاشك أن الجزائر استشعرت في ورقة الغاز فرصة ذهبية لممارسة الضغط على اسبانيا، انتقاما منها على الخطوة التي اتخذتها بشأن قضية الصحراء المغربية، والتي ساهمت بنجاح في وضع حد للخلاف الديبلوماسي بين المغرب واسبانيا الذي دام لأكثر من عشرة أشهر، معتبرة أن الموقف الإسباني غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا، ليرفع النظام الجزائري المنكوب لواء الثأر على احتياجات اسبانيا من الغاز الجزائري، لتفتح أبواب أزمة مفتعلة عنوانها عرقلة الإمدادات.

وكان للرد الجزائري وقع خاص لدى الجانب الإسباني، خصوصا وأنها كانت تستفيد من سعر تفضيلي قبل إعلانها دعم مبادرة الحكم الذاتي، لتجد الجزائر نفسها مضطرة إلى إنهاء سياسة الرفق و الملاطفة، والتخطيط لإعلان العدوان من جديد.

ورقة الغاز

وفي هذا السياق، قال حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، ومتخصص في قضية الصحراء المغربية، إن الجزائر حاولت أن تلعب بمجموعة من الأوراق، مستغلة ورقة الغاز لصالحها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأزمة العالمية بشأن مصادر الطاقة، وكذلك بخصوص تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، لكن يمكن القول إن هذا السيف ذو حدين، حيث يمكن أن ينقلب ذلك على الجزائر، على اعتبار أنها أصبحت محط تجاذبات بين الغرب وروسيا، مستطردا "وأظن أن الزيارة الأخيرة لرئيس الديبلوماسية الروسي تأتي في هذا الإطار، حيث يمكن أن تنجر الجزائر إلى الحليف الروسي، وتضحي بمصالحها مع الدول الغربية والدول الأوروبية، مما سيزيد من دعم الموقف المغربي، وسيهول من عزلة النظام الجزائري الذي فقد البوصلة، ولازال يتصرف بمجموعة من الوسائل والاآليات القديمة، التي تعود إلى الحرب الباردة".

ملامح الصدمة

وفي سياق متصل، قال بلوان إنه ومنذ الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء، والجزائر تعيش على وقع الصدمة، خصوصا مع توالي الاعترافات الأوروبية الداعمة للوحدة الترابية، وحل النزاع المفتعل في إطار السيادة المغربية، مما يدل على أن الجزائر حشرت نفسها في قضية خاسرة، ولا زالت تدافع بمنطق قديم عن الفكر الانفصالي الذي أصبح معزولا خلال هذه السنوات، إضافة إلى أنه صار منبوذا لدى المجتمع الدولي، والدليل على ذلك هو استضافة المغرب، بجدارة واستحقاق، للمؤتمر الدولي لمحاربة الإرهاب، وحضره مسؤولو الديبلوماسية لمجموعة من الدول، والتي وجدت في المناسبة فرصة لتجديد تأكيدها على مغربية الصحراء، في حين أعلنت دول أخرى أنها تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، وموضحا في الآن ذاته أن اسبانيا حسمت قرارها وموقفها، وانحازت لمصالحها الاستراتيجية، التي اقتنعت أنها لا يمكن أن تكون بمعزل عن المغرب، ولا يمكن أن تحافظ على هذه المصالح إلا بمعية المملكة المغربية.

أكاذيب الجزائر

وأكد بلوان أنه خلال الاسابيع الماضية، كان هناك اتصال بين وزير الخارجية الجزائري ونظيره الهولندي، حيث أعلنا عن نقاش القضية الأوكرانية وقضية الصحراء المغربية حسب المسؤول الجزائري، إلا أن بيان وزارة الخارجية الهولندية كذب هذه التصريحات، وقد جاءت الصفعة مدوية عندما أعلنت هولاندا دعمها بمبادرة الحكم الذاتي، ولقضية الوحدة الترابية المغربية، مستنتجا أن كل هذه المعطيات تدل على أن سقوط ورقة التوت عن النظام الجزائري الذي يدعي دائما انه طرف غير معني بهذه القضية، والواقع أن الجزائر هي من افتعل هذا النزاع، ومن يسهر على استمراره، خاصة إذا تمت مقارنة التصريحات الأخيرة للمجتمع الدولي عندما ربطت بين الحركات الانفصالية والإرهاب في القارة الأفريقية، حيث هناك مجموعة من التقارير تؤكد أن جبهة البوليساريو أصبحت تبيض التطرف والإرهاب، لتصبح مرتعا للفكر الداعشي.

دعم مستقبلي

وارتباطا بالموضوع، أوضح المتحدث نفسه أن الدينامية الجديدة التي أطلقتها الديبلوماسية المغربية لا يمكن أن تتوقف، وستعرف الأيام والشهور المقبلة مزيدا من الاعترافات الدولية المتوالية بمغربية الصحراء، على اعتبار أن المجتمع الدولي اطمأن واقتنع بان كل هذا النزاع رهين بضمان الأمن والاستقرار في المنطقة الملتهبة، والحفاظ على السلام في جنوب المتوسط، على اعتبار أن المغرب هو البلد الآمن والمؤهل للعب هذا الدور،فيما يتعلق باستقرار الإقليم.