الاتحاد الاشتراكي .. المعادلة الحزبية المغربية المنفردة والمتفردة

احمد الغماري

 

لا يختلف اثنان من المتابعين للمشهد السياسي الحزبي بالمغرب، على أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كيان سياسي وتنظيمي مختلف عن كل الأحزاب المغربية، حزب تفرد مساره في كل شيء منذ النشاة وحتى اليوم.. حزب متحرك غير جامد.. غني غير عقيم.. ومنتج غير عاجز.

حزب ظل مستحوذا على النقاش الحزبي والسياسي المغربي منذ سنوات خلت.. كيف لا وهو الحزب الوطني الكبير الذي طبع مساره تحولات كبرى والتي لازالت ترخي بظلالها إلى اليوم.. فإذا ما استحضرنا التجربة الحزبية في المغرب لابد لنا أن نقف وقفة تأملية عند الاتحاد الاشتراكي كظاهرة حزبية سياسية منفردة في تمرسها وتمردها وتميزها بل حتى حركيتها ونضجها.

حزب يعج بالفكر الحر الذي ينهل من مرجعيات كونية تزاوج بين ما هو يساري وحداثي وديموقراطي واشتراكي واصلاحي بالأساس.

من ينكر اليوم للاتحاد وللإتحاديات وللإتحاديين تميزهم في خلق الحدث وتفردهم في الممارسة السياسية والحزبية، فالحزب على أبواب مؤتمر وطني فاصل ومحدد لمجموعة من القرارات التي سترسم خارطة طريق الحزب نحو المستقبل.

أي حزب في المغرب اليوم استطاع أن يقتنص النقاش وعدسات المصورين وغزت صور قياداته المواقع كالاتحاد، والاتحاديون الذين يقفون على بعد خطوات قليلة من عقد مؤتمرهم الوطني الحادي عشر الذي، بحيث شهدنا هذا الأسبوع حدثين فارقين..

الحدث الأول هو عقد المرشحة لقيادة الاتحاد الاشتراكي حسناء أبو زيد لندوة صحفية توجهت من خلالها إلى الرأي العام الوطني والحزبي، معلنة من خلالها حيثيات ترشيحها وما رافق ذلك من إقصاء على حد قولها.. أما الحدث الثاني هو الندوة الصحفية التي عقدها أعضاء المكتب السياسي الحالي معلنين عن تشبثهم بادريس لشكر لولاية ثالثة في تفويض تام وصريح لقيادة السفينة مجددا دون قيد أو شرط.. حاسمين في اختيارهم لقائدهم الذي استطاع أن يخرج الحزب من عنق الزجاجة، والذي جعل من الحزب رقما أساسيا في المعادلة السياسية منتقل من لحظة احتضار سياسي إلى انفراج حقيقي متمثل في دوره كاول قوة معارضة مؤسساتية وبناءة قادرة على الانتاج والاقتراح وليس الانتقاد فقط.

ويبدو أن ادريس لشكر نجح فيما عجز عنه سابقوه من القادة التاريخيين للحزب، فالحزب لك يكن ممركزا حول الشخص في السابق إلا في حالة القائد الاتحادي الراحل عبد الرحيم بوعبيد الذي تمكن من قيادة الحزب لأكثر من ولايتبن والذي غادر الدنيا وهو كاتب أول لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. فلا اليوسفي برمزيته وتاريخه ولا اليازغي ولا الراضي استطاعوا ارضاء الاتحاديين وإقناعهم بولاية ثانية فما أدراك بولاية ثالثة ، والمتتبع للشأن الحزبي يعي جيدا أن كلا من اليوسفي واليازغي تم دكهما دكا نحو المغادرة بكرامة.

والحق يقال، أن ادريس لشكر تفوق على كل القادة الاتحاديين السابقين بحيث حصل على الإجماع الذي لم يتلقاه الآخرون.. لأنه تدرج في التنظيم الحزبي حتى تمكن من التحكم في كل مفاصله والسيطرة على مركز القرار فيه.. إنه رجل منفتح ومفاوض مد يده للجميع حتى لكل من اختلفوا معه لكن في إطار يمنعهم من التقدم أمامه أو الظفر بالقيادة في حضرته.. وهذا ما جعله يقود تجربة المصالحة منفتحا على كل الغاضبين أجل تحصين الذات الحزبية ولم شتاتها.

ورغم أن المؤتمر سيد نفسه، إلا أن كل المؤشرات تبوأ الرجل ولاية ثالثة بدون منافس حقيقي لأنه استطاع فعلا أن يصنع من حزب متقهقر انتخابيا إلى قوة حقيقية فاعلة ومؤثرة ومنتجة للخطاب والممارسة ومستحوذة على الأضواء ومقتنصة للاهتمام ما يجعلنا أمام حزب مؤسسة وليس أمام حزب زاوية أو حزب خربة خلاء لا نقاش فيه ولا فروع ولا أجهزة ولا اختلاف اللهم الخواء رغم أن الطبيعة لا تقبل الفراغ.

الاتحاد الاشتراكي حزب كبير ،وعلى ادريس لشكر الذي يسير بخطى نحو ولاية ثالثة،  ان يعيد النظر في طريقة تدبيره للحزب ، وان يفتح الحزب امام  كل الاتحاديين سواء كانوا معه او ضده ، لان العدو الحقيقي لحزب الوردة ليس هو  ينغتيق او حسناء ايو زيد او بويكري او او ……. بل هو الاقصاء والتهميش والانتقام والنرجسية والاستيداد والعجز عن الجمع بين كل الاتحاديين مهما كانت قناعاتهم.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *