المنطق السياسي والتحديات المستقبلية لن يقبلوا بولاية ثالثة لحزب العدالة والتنمية

في الوقت الذي ينتظر المغاربة من الأحزاب السياسية،البحث عن السبل الكفيلة بالخروج من الأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي خلفتها جائحة كوفيد 19، اختار حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة للولاية الثانية على التوالي الرهان على ولاية ثالثة رغم أن المنطق السياسي لن يقبل بهذا الطرح، خاصة وأنه استنفذ كل الفرص التي أهداها إليه المغاربة على طبق من ذهب، وأيضا انه مرر كل ما كان مطلوبا منه، مستفيدا في ذلك من عدة تكتيكات سياسية وخلق اعداء خارجيين اخرهم  الياس العماري للهروب من اي مسائلة شعبية لولاية حكومية . 

الحراك الشعبي قنطرة للاسلاميين

استفاد  حزب العدالة والتنمية، من الحراك الشعبي في  سنة 2011، الذي ساعده كثيرا لتدبير شؤون الحكم في البلاد في ولاية تشريعية صعبة للخروج من مأزق ” إسقاط” الأنظمة، وإحداث التغيير المنشود بمحاربة الفساد، والحرص على التوزيع العادل للثروات، والاهتمام بالمهمشين والفقراء والأشد فقرا، وتطوير منظومة الصحة والتعليم، ومخطط التسريع الصناعي، وتطوير الفلاحة، والرفع من مستوى الصادرات على حساب الواردات، وتنفيذ كل المخططات الملكية المرتكزة على الأوراش الكبرى.
وتمكن العدالة والتنمية، من قيادة الحكومة على مرحلتين، الأولى دبرها عبد الإله بنكيران، من 2012 إلى 2016 وهي مرحلة طبعها الجدل الذي تلا الحراك الشعبي، والتي كرر فيها زعيم الإسلاميين نفسه من خلال مهاجمة المفسدين عبر عقد التجمعات، والاسترسال في الخطابة قصد استمالة أصوات الناخبين، بل وصل إلى حد مهاجمة بعض الشخصيات المقربية من المحيط الملكي بوصفهم ب “العفاريت والتماسيح”.

وفي هذا السياق استمرقادة الحزب  في عقد تجمعات خطابية تلهب حماس المواطنين وتدغدغ عواطفهم، باستثناء قرار بإلغاء صندوق المقاصة، وتعويضه بدعم مباشر للفقراء والارامل، في إطار ملف السجل الاجتماعي.

الولاية الثانية..اصلاحات في زمن الجائحة

وفي المرحلة الثانية، شهد الحزب، انتعاشة في مسار تدبير الحكومة بشكل واقعي، منذ 2016، إذ ترأس سعد الدين العثماني، اجتماعات مع الولاة والعمال ورؤساء المجالس الجهوية لوضع مخططات تنموية، ستفيد سكان كل منطقة، بعيدا عن لغة المواجهة والجدال السياسي الذي لا يحل أي مشكل.ليحاول البيجيدي تحديد خياره في التعاقد السياسي بعد كورونا في مواصلة تفعيل الاختيار الديمقراطي كخيار دستوري، وتعزيز مسار الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة والمشاركة المواطنة، ومعالجة أسباب العزوف عن المشاركة السياسية، إضافة إلى تسريع عملية الإصلاحات وجهود التنمية البشرية التي يقوم بها المغرب منذ عدة سنوات.

عودة العلاقات مع اسرائيل..والصراع في البيت الداخلي

يعيش حزب “المصباح” صراعا داخليا وحرب استنزاف بين الذين جعلوا من قضايا اقليمية أولوية بالنسبة إليهم على حساب قضايا تهم الوطن، لذلك اعتبروا قضايا أخرى مثل فلسطين أهم من اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء وعودة العلاقات مع إسرائيل، مطالبين العثماني بالاستقالة، لأنه وقع الاتفاق الثلاثي المغربي الأمريكي الإسرائيلي، بدعوى أن التطبيع خيانة، ولو اتجه أولئك المنتقدون إلى مدنهم وقراهم، لوجدوا أنهم مسؤولون عن ضعف البنية الطرقية، والماء والكرباء، وغياب الإنارة العمومية، والمستوصفات والمراكز الصحية، ومعاهد التكوين، والمناطق الصناعية، وارتفاع نسبة البطالة في صفوف العاطلين، وهي معطيات تسهم في خسارة الانتخابات، ما عدا إذا كان قادة ”بيجيدي” يعولون على أصوات ''جماعات دينية'' معروفة.

وإذا كان حزب  البيجيدي” يتمنى بالفوز بولاية ثالثة، كما حلم بها قادة الحزب، فإن حصيلته المتواضعة لن تساعده على تحقيق هذا الفوز، خاصة أنه رفع شعار “غزة أولا قبل ” تازة”، وانغمس في ترديد الشعارات التي لا تحل مشكلا واحدا، بل إن محاولات البعض لخوض انقلاب على العثماني زادت من تأزيم وضعية الحزب، خاصة أن “إخوان” بنكيران رددوا مرارا أن الحزب تماهى مع الحكومة، ونسي وضعه، ما يتطلب عقد مؤتمر استثنائي لقلب قيادة الحزب.

اليوم يوجد حزب العدالة والتنمية قي مفترق الطرق،بعد قيادة الحكومة لولايتين متتابعتين ولم يتوفق من فك عقدة النشأة مع كل ما هو دعوي الى اليوم كما تتطلبه التغيرات الدولية والاقليمية ،اضافة لتعرية جائحة حدود تسيير وتدبير وزراءه للشأن العام وسقوط العديد من شعاراته،وخوضه حربا شرسة ضد قوانين الانتخابات بصفة انفرادية، وعليه فالمنطق السياسي وطبيعة النظام السياسي المغربي والتحديات الاقتصادية والاجتماعية وتطلعات جيل الانترينت تتطلب حكومة جديدة بقيادات جديدة لها علاقات بعالم الاعمال والمال والتدبير، اما حزب العدالة والتنمية فيجب ان يستعد منذ الان  للاصطفاف في المعارضة لان هذا هو منطق علم السياسة وحتى ولو احتل المرتبة الاولى فلن يحلم بقيادة الحكومة المقبلة خصوصا بعد التحديات التي فرضتها جائحة كورونا.