غريب أمر قادة أحزابنا ، أراهم يتسابقون ويتنافسون ويعلنون ويصرحون – دون أي اساس- و كل واحد منهم يتحدث عن قيادة حزبه حكومة المونديال، وكأن الأمر يتعلق بنزهة او بقضية محسومة مسبقا، او كأن أصوات المواطنين في جيب كل واحد منهم ، او كأن المواطن لا قرار ولا رأي له ،فقط ينتظر أوامر زعماء هاته الأحزاب ،او إشارة بسيطة منهم ليصوتوا على حزبهم.
سياق هذا الكلام هو تصريح بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية امام مناصريه الامس ان حزبه سيقود حكومة المونديال، الامر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام.
اخنوش ومناصروه يرددون ان حزب التجمع هو من سيقود حكومة المونديال، بركة ومناضلوه يؤكدون ان حزب الاستقلال هو الاولى بقيادة حكومة المونديال، المنصوري ومناصروها يرون ان حزب البام هو من سيقود حكومة المونديال.
بعد تصريحات كل من اخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار ، وبركة الأمين العام لحزب الاستقلال والمنصوري القيادية يحزب الاصالة والمعاصرة، ها هو بنكيران الأمين العام لحزب البيجيدي يستيقظ من صدمة انتخابات شتنبر 2021 ، ليصرح هو – أيضا – بان حزبه قد يقود حكومة المونديال.
علميا ، لا نعلم على اي أسس موضوعية ، او مؤشرات يبني هؤلاء الزعماء تصريحاتهم المتعلقة بقيادة حكومة المونديال،رغم أن الفترة التي تفصلنا عن انتخابات 2026 تزيد على 18 شهرا.
لكن، الغريب في الأمر هو أن أحزاب الأغلبية هي من دشنت التسخينات الانتخابية، وليس أحزاب المعارضة التي تبدو انها غير قادرة على المنافسة لقيادة الحكومة المقبلة، خاصة بعد الضربة القاضية التي تلقاها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الاخيرة، الحزب الوحيد من بين أحزاب المعارضة الذي بإمكانه ان يشكل المنافس القوي لأحزاب الأغلبية الحكومية في الانتخابا المقبلة لولا تحطيمه سنة 2021.
المهتم بالشأن الانتخابي الوطني ، لا يفهم كيف تجرأت أحزاب الأغلبية الحكومية التنافس على قيادة حكومة المونديال، في الوقت الذي تمر فيه البلاد من أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية دقيقة : تفاهة سياسية ، خطاب سياسي رديئ ، غلاء المعيشة ، ارتفاع نسبة بطالة الشباب ، فشل السياسات العمومية ، تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، واتساع نسبة دوائر الفقر والتهميش والفوارق الاجتماعية..سخط شعبي ... الخ
المثير في هذا السياق ان التسابق حول قيادة حكومة المونديال، لم يكن تسابقا حول نوعية استراتيجيات او برامج أو رؤى وتصورات او اقتراحات هذه الأحزاب لربح هذا الرهان الاستراتيجي الكبير ، بل انه ركز على قيادة الحكومة في الانتخابات المقبلة، بهدف استغلال نتائج البرامج والأوراش والمخططات الكبرى التي انخرطت فيها الدولة من أجل كسب رهان تنظيم كاس العالم بالمغرب.
واكيد ، ان تصريح اخنوش المنصوري وبركة قيادتهم حكومة المونديال ليس اعتباطا،بل يطمر رسالة كبرى لقادة أحزاب الأغلبية الحكومية حول قيادة الحكومة المقبلة، توحي أن التحالف الأغلبي الحكومي الحالي ، سيظل هو الوحيد المؤهل للترشح للريادة والتوافق فيما بين مكوناته لتبوأ قيادة الحكومة المقبلة ؛ على شكل تحالف مستدام بين الأحزاب الثلاث ، مع فرضية الانفتاح على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في اطار لعبة محددة مسبقا تحدد معالمها وتضبط قواعدها جهات ما.
غير أن المثير في هذه ” الحملة ” السابقة لأوانها، هو تسمية “”حكومة المونديال “؛ والحقيقة أن ” تنظيم المونديال ” يدخل في مجال ” السياسة العامة ”التي يقودها جلالة الملك حسب الفصل 49، وليس في مجال السياسات العمومية، وحتى إن حصل تفويض ما، فلن يكون إلا لوزارات السيادة التابعة مباشرة لجلالة الملك .
وهذه هي الدلالة العميقة التي جعلت الدستور المغربي في الفصل 92 يميز بين:
- السياسة العامة للدولة .
- السياسات العمومية للحكومة.
وعليه، فتداول اسم ''حكومة المونديال'' عند قادة احراب الاغلبية الحكومة مجرد تضخيم دلالي وتنميط لغوي.