نور الدين: هكذا فضح قرار مجلس الأمن 2797 تلاعبات الجزائر

في إطار التفاعل الواسع مع التطورات الأخيرة المتعلقة بملف الصحراء المغربية، وبعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797 الذي جدد التأكيد على مركزية مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كالإطار الوحيد للحل السياسي، تتعالى القراءات والتقييمات بشأن انعكاسات هذا القرار على الخطاب الدبلوماسي الجزائري خلال الأشهر الماضية.

وفي هذا السياق، خص الخبير في العلاقات الدولية الدكتور أحمد نور الدين موقع بلبريس بحوار يجيب فيه عن مجموعة من الأسئلة حول السقوط المدوي للرواية الجزائرية، وبخصوص ما سمته “الوساطة” في ملف الصحراء، كما يسلط الضوء على محاولات تزوير ترجمة قرار مجلس الأمن، وما يكشفه ذلك من استمرار المناورات الدبلوماسية الجزائرية رغم انكشافها دوليا،

وفيما يلي نص الحوار:

1. كيف تقيمون اليوم سقوط الرواية الجزائرية بشأن ما سمته “وساطة” بين المغرب والبوليساريو؟

الجزائر انفضحت اساليبها وتلاعباتها أمام العالم، بل أصبحت موضوعا للسخرية، إذ كيف يمكن لدولة قطعت علاقاتها منذ 2021 مع المغرب أن تكون وسيطا بين المغرب والجبهة الانفصالية؟! وكيف لدولة قال رئيسها عبد المجيد تبون أن العلاقات مع المغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة أن تكون وسيطا؟! وكيف لدولة قطعت أجواءها على الطيران المدني المغربي بما فيها الطائرات التي تقل الحجاج إلى مكة المكرمة أن تكون وسيطا؟! وكيف لدولة تقرع طبول الحرب مع المغرب ويصف قائد جيشها الجنرال شنقريحة المغرب بالعدو الاستراتيجي والكلاسيكي أن تكون وسيطا؟!
فالجزائر تحاول دائما المراوغة وتضليل الرأي العام الدولي من خلال اختلاق أقنعة مزيفة للتغطية على أدوارها المباشرة في الحرب ضد المغرب، فالجزائر هي الطرف الحقيقي في العدوان الذي استمر نصف قرن، سواء من خلال تورط جيشها مباشرة كما حدث في امغالا1 او أمغالا2، او من خلال تسليحها لجبهة “البولساريو” الانفصالية بالدبابات والصواريخ التي تنطلق من الأراضي الجزائرية لتهاجم المغرب، او من خلال الحروب الدبلوماسية في كل المحافل الدولية كما حدث مؤخرا في مجلس الأمن الدولي حيث وقفت الجزائر معزولة وحيدة ضد المغرب من دون كل دول العالم، وهذا الموقف وحده كفيل بإقناع من لازال في ذهنه ذرة شك من أن المغرب يواجه الجزائر في قضية الصحراء أما جبهة “البولسلريو” فهي أداة الجريمة فقط في يد المجرم الحقيقي.

ويمكن أن نذكر أيضا بسحب سفراء الجزائر من الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء وأبرز مثالين هما فرنسا وإسبانيا، ولا أريد أن استرسل في سرد الأدلة من شراء الذمم الى اللوبيات الى المعارك القضائية في المحاكم الأوربية وغير الأوربية، إلى الحرب الإعلامية والرياضية والثقافية والحضارية، وهي أفعال عدائية تعد بالآلاف، وكلها تدين الجزائر وتؤكد تورطها المباشر في العدوان ضد وحدة المغرب وسلامة اراضيه.

أما تصريح وزير خارجيتها أحمد عطاف حول الوساطة المزعومة في ملف الصحراء، فهو محاولة للهروب إلى الأمام بعد أن سقطت أقنعتها وأصبحت لعبتها القذرة مكشوفة أمام العالم، خاصة بعد تأكيد مجلس الأمن على كونها طرفا في النزاع من خلال قراره الأخير 2797.

وعلى الدبلوماسية المغربية أن تتفادى الوقوع في هذا الفخ الذي قد يفك العزلة عن الجزائر، وأن لا تترك للجزائر منفذا للهروب مرة أخرى من مسؤوليتها.

2. هل يمكن القول بأن القرار أسقط فعليا آخر محاولات الجزائر للتنصل من صفتها كطرف مباشر في النزاع، وكشف حدود المناورات التي روجت لها خلال الأشهر الماضية؟

المناورات الجزائرية لا حدود لها، وآخرها محاولة تزوير الترجمة الى العربية للقرار الأممي 2797 الذي أكد ضلوع الجزائر في الصراع كطرف، وأكد على ضرورة جلوس الأطراف كلها إلى مائدة المفاوضات، بينما راحت الجزائر تبحث عن ترجمة الى العربية تتبنى مصطلح طرفي النزاع وليس أطراف النزاع كما في الصيغة الانجليزية.
وقد كنت أول من نبه الخارجية المغربية، عبر منبر “بلبريس”، إلى هذه الجريمة في الترجمة والتي تقف وراءها الجزائر ، وطالبت الخارجية المغربية بتوجيه رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لفتح تحقيق في تزوير الترجمة.
وقلت إنها ليست المرة الأولى التي يكون فيها هذا التدليس في الصيغة العربية وهي جريمة مع سبق الاصرار والترصد، ولأول مرة يتأخر صدور القرار في صيغته العربية متسغرقا 24 يوما، وهو ما يؤكد المناورات الجزائرية البئيسة، ولكن في النهاية ربح المغرب هذه المعركة.
والمهم اليوم أن الجزائر أصبحت مكشوفة الظهر تقف وحيدة بعد أن تخلى عنها حتى الحليف الروسي، والذي عبر وزير خارجيته على أن الحكم الذاتي شكل من أشكال تقرير المصير، وهو فعلا كذاك كما ينص عليه القانون الدولي.

وتعود فصول هذا المستجد لإصدار مجلس الأمن الدولي يوم 31 أكتوبر 2025 القرار رقم 2797، والذي اعتُبر منعطفا جديدا في مسار قضية الصحراء، بعدما جدد بشكل أكثر وضوحا التأكيد على مركزية مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كالإطار الوحيد الجدي والواقعي للحل السياسي.
وقد مثل هذا الموقف الأممي تتويجا لمسار طويل من التراكم الدبلوماسي المغربي، وأعاد في المقابل إحياء النقاش حول حجم التحولات التي يشهدها المجتمع الدولي في تعامله مع النزاع، خصوصا بعد تراجع مصداقية الأطروحة الانفصالية وصعوبة استمرار الجزائر في التنصل من موقعها كطرف مباشر في هذا الملف.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *