دلالات تصنيف المغرب ثانيا في التعدية الحزبية بإفريقيا

أظهر تصنيف حديث لمنصة "ذي أفريكان إكسبونينت" المتخصصة في التحليلات الاقتصادية والسياسية، أن المغرب يحتل مكانة متقدمة في المشهد الديمقراطي الإفريقي، حيث حل في المرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل عشر دول في القارة من حيث عدد الأحزاب السياسية الفعالة، وذلك بمعدل 5.68 نقطة.

يعكس هذا التصنيف الدينامية والتنوع اللذين يميزان الحياة السياسية المغربية، التي تقوم على أسس الملكية الدستورية كنظام اختار مسار التعددية والمنافسة المفتوحة بين تيارات فكرية متنوعة، تشمل الأحزاب الليبرالية والإسلامية والعلمانية.

وقد تصدرت ليبيريا القائمة الإفريقية بمعدل 6.44 نقطة، في حين جاءت بوركينا فاسو في المرتبة العاشرة.

ويستند هذا الترتيب المتقدم للمملكة إلى واقع سياسي ملموس، حيث يضم المشهد الحزبي المغربي ما يزيد عن 30 حزبا سياسيا معتمدا، مما يوفر للناخبين طيفا واسعا من الخيارات والبرامج.

وتتجلى هذه التعددية في وجود أحزاب تاريخية وذات وزن، مثل حزب الاستقلال بمرجعيته الوطنية المحافظة، وحزب التقدم والاشتراكية اليساري، إلى جانب أحزاب برزت بقوة في العقدين الأخيرين، كحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الذي قاد الحكومة لولايتين، وحزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، وحزب الأصالة والمعاصرة الذي يشكل قطبا مهما في الحياة السياسية.

هذا التنوع ساهم في تكريس تداول سلمي على السلطة عبر صناديق الاقتراع، مما يعكس مرونة مؤسساتية واستقرارا سياسيا.

وفي هذا السياق، يرى رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن "تصنيف المغرب في المرتبة الثانية إفريقيا في التعددية الحزبية يعكس دينامية سياسية حقيقية وتراكما دستوريا إيجابيا منذ أول تجربة برلمانية".

ويضيف لزرق في تصريحه لبلبريس، أن هذا التنوع الحزبي لا يقتصر على منح المواطنين فرصا متعددة للاختيار والمشاركة في الحياة العامة، بل يمتد أثره ليعزز التوازن داخل المؤسسات المنتخبة من خلال التحالفات السياسية، ويضمن حقوقا للمعارضة بهدف المساهمة في بلورة قرارات أكثر تمثيلية وتعبيرًا عن التنوع المجتمعي.

ويختتم لزرق تحليله بالتأكيد على أن انتظام الانتخابات واحترام قواعدها القانونية "يعكس إرادة الدولة في ترسيخ الخيار الديمقراطي، ويؤكد انفتاح النظام السياسي المغربي على التطوير المؤسساتي التدريجي ضمن استقرار دستوري واضح".

وفي الوقت الذي لا تزال فيه العديد من الدول الإفريقية، بحسب تقرير "ذي أفريكان إكسبونينت"، تواجه تحدي هيمنة الحزب الواحد، يقدم النموذج المغربي حالة بارزة في بناء ديمقراطية تعددية، تساهم في تعزيز المشاركة السياسية وتضمن استمرارية الحوار بين مختلف مكونات المجتمع.