تؤكد الأحداث المتسارعة والأخبار المتداولة في الأيام الأخيرة بالمغرب، بأن بعض مؤسسات الدولة ما زالت تعاني من هول كبير في التواصل المؤسساتي، وعاجزة عن إدراك التطورات التي فرضتها الثورة التكنولوجيا في وسائل التواصل، ولنا نماذج من الأخبار التي تداولت حول بعض الجامعات وبعض الكليات مؤخرا، هيمنت عليها الاشاعات والتأويلات والتضليل مقابل صمت رهيب لرؤساء ولعمداء تلك المؤسسات.
لذلك، نقول بأن المؤسسات العمومية تمر اليوم بمرحلة دقيقة ليس لكونها لا تشتغل، بل لكونها لا تعرف كيف تدبر أزماتها الداخلية، وكيف تتواصل مع الرأي العام بشأنها في الزمن وبالكيفية المناسبين.
وحسب عدد من الباحثين والمختصين في التواصل المؤسساتي وتواصل الازمات، فإن ما يزيد من متاعب المؤسسات العمومية بالمغرب عدم وعي بعص مسؤوليها بأهمية التواصل المؤسساتي في قرن المعرفة والإعلام، لكون هؤلاء المسؤولين غير مدركين لأهمية التواصل ولمخاطره.
كما يعزو المختصون هذا الوضع لكون تصورات المسؤولين لمفهوم التواصل المؤسساتي ومرتكزاته اليوم ما زالت سجينة لثقافة تواصل القرن العشرين، حيث أنهم لم يستوعبوا بعد ثورة تكنولوجيا الإعلام والتواصل التي فرضت قوالب وآليات جديدة، مكنت فاعلين جدد من الولوج لعالم التواصل وتوجيهه من خلال قوالب ونماذج تواصلية جديدة جسدتها شبكات التواصل الاجتماعي.
هذا الأمر، جعل مسؤولي المؤسسات العمومية يواجهون صعوبات في الإندماج في مغرب المعرفة والإعلام، والطامة الكبرى أنهم محاطون بمستشارين ومتعاقدين مع مؤسسات تهتم بتحسين صوة المسؤول وليس صورة المؤسسة.
لذا، أقول إن العمل العمومي كسياسات عمومية لا ينحصر على الإنجازات الميدانية والعملية رغم أهميتها، بل هي- أيضا- تواصل، خصوصاً زمن الأزمات لكون زمنها هو زمن استثنائي يفرض تواصلا استثنائيا. .
وحسب علماء التواصل السياسي المؤسساتي، فحاجة المواطن للمعلومة تتزايد أكثر في زمن الأزمات، كما هو حال المغرب اليوم، أزمات متعددة تحاصر المواطن مقابل صمت المسؤول، وما عرفته كلية الحقوق أكدال بالرباط من هزات مؤخرا مقابل صمت الوزارة ورئاسة الجامعة والعمادة لخير دليل.
اليوم، امام التطورات التكنولوجية وتحديات الثورة الرقمية وأمام التحولات الاجتماعية والثقافية التي يعرفها المغرب ، فمؤسساتنا العمومية بحاجة لثورة تواصلية، ونفس تواصلي ومؤسساتي ملتزم بمقتضيات فصول الدستور المغربي : 12؛ 13؛ 140؛ 139 ، والقانون رقم 13-88 المتعلق بالصحافة والنشر، والقانون 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، كونها الإطار المرجعي والقانوني للتواصل المؤسساتي في المغرب.
يجب على المسؤولين ان يقتنعوا بأن الاتصال المؤسساتي هو الشریان الذي يؤمن المؤسسة من كل فيروسات التأويل والإشاعة والتضليل ومخاطرها، ويجعلها مؤسسات محترمة مندمجة في الجيل الجديد من المؤسسات، لتصبح مؤسسات فاعلة لا مفعول بها، مؤسسات تصنع الحدث، لا أن يصنعها الحدث،