يُعد القرار الملكي القاضي بإلغاء ذبح أضاحي العيد، إجراءً استثنائيًا ذا أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية، وقد قوبل عمومًا بقبول واسع من طرف المواطنين الذين اعتادوا الامتثال لتوجيهات ملكهم – حفظه الله – باعتباره رمز الدولة ومرجعية الأمة، وتجسيدًا لعلاقة الثقة والولاء التي تميّز المجتمع المغربي بمؤسساته العليا. غير أن هذا القرار، رغم طابعه الرمزي القوي، يطرح إشكالًا قانونيًا على مستوى التنزيل والتفعيل، نظرًا لغياب إطار تشريعي يُحدّد معالمه بدقة، أو يُبيّن ما إذا كانت مخالفته تُعد جريمة تستوجب العقاب.
ولا يمكن، في هذا السياق، إغفال المكانة الدستورية والروحية التي يتبوّؤها الملك – نصره الله – بصفته أميرَ المؤمنين، الضامن لحرية المعتقد وحامي الملة والدين، وهي الصفة التي تُضفي على قراراته ذات الطابع الديني وزنًا خاصًا، يجعل من الالتزام بها جزءًا من استمرارية البيعة الشرعية التي تربط العرش بالشعب.
وتبرز، في هذا السياق أيضًا، مسألة الفراغ التشريعي بوصفها نقطة توتر في العلاقة بين التوجيهات العليا والممارسة الميدانية، لا سيما في ظل قاعدة قانونية أساسية مفادها: “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.” فبدون سند قانوني صريح، قد يظهر تفاوت في السلوك المجتمعي، حيث يعمد بعض الأفراد إلى ذبح الأضحية باعتبار عدم وجود مانع قانوني يمنعهم، بينما يمتنع آخرون التزامًا بالتوجيه الملكي، ما قد يُنتج حالة من الانقسام الرمزي في مناسبة دينية كعيد الأضحى تقوم، بالأساس، على مظاهر الوحدة والتكافل.
هنا تبرز مسؤولية الحكومة، التي تتجلّى في التفاعل مع القرارات الملكية السامية، من خلال توضيح القرار وتقديم الصيغة القانونية الملائمة لتنزيله، بما يُجنّب البلاد فوضى في التطبيق أو تباينًا في المواقف والسلوكيات. ذلك أن وحدة الممارسة الدينية لا تُصان بالتوجيه فقط، بل بتشريع واضح، يضمن المساواة في الالتزام ووضوح المسؤوليات.
لذلك، فإن الحاجة إلى تأطير قانوني يُواكب القرارات ذات الطابع التوجيهي العام، تُعد مسألة مطروحة للنقاش العلمي، دون أن ينال ذلك من القرار ذاته، أو من رمزيته داخل البناء المؤسساتي.
إن التأمل في هذا السياق لا ينبغي أن يُفهَم منه دعوة إلى التشكيك في القرارات العليا، بل مدخل لتحليل العلاقة بين المشروعية الرمزية والمشروعية القانونية، في أفقٍ تكاملٍ، يحفظ وحدة المجتمع المغربي، ويصون فعالية القرار العام.