فجّرت مقتضيات مشروع القانون رقم 16.22 المنظم لمهنة العدول موجة اعتراض داخل الجسم المهني، بعدما أعلنت النقابة الوطنية للعدول (UGTM) لجوءها إلى مراسلة مؤسسات دستورية وحقوقية بشكل استعجالي، للتعبير عن تحفظات اعتبرتها جوهرية وتمس مستقبل المهنة وتوازنها.
وأوضحت النقابة أنها خاطبت، في هذا الإطار، مؤسسة وسيط المملكة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، إضافة إلى البرلمان بغرفتيه، مطالبة بتدخل هذه الهيئات، كل حسب اختصاصه الدستوري، من أجل إنصاف مهنة التوثيق العدلي وضمان احترام مبادئ الحكامة الجيدة كما ينص عليها الدستور.
وبحسب المعطيات التي قدمتها النقابة، فإن مراسلاتها استندت إلى دراسة تقنية أنجزها مكتب دراسات متخصص، خلصت إلى تسجيل اختلالات شكلية ومضمونية في المشروع، من بينها غياب أي مقتضيات واضحة لتحسين ظروف عمل العدول، بما يضمن جودة الأداء ويعزز ثقة المواطنين في المنظومة التوثيقية.
كما نبهت الدراسة إلى وجود تمييز يمس المرأة العدل، خاصة في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية وظروف التوقف المؤقت عن العمل، معتبرة أن المشروع أغفل التنصيص على ضمانات مهنية معمول بها في مهن قانونية وقضائية أخرى، رغم تقارب الأدوار والمسؤوليات.
وفي ما يخص الإطار العام للمهنة، شددت النقابة على أن خضوع العدول لإشراف وزارة العدل لا يتنافى مع استقلاليتهم المهنية، معتبرة أن هذا الإشراف يفترض أن يشكل حماية للمهنة من الممارسات غير المشروعة والمنافسة غير المتكافئة، وهو ما لم تعالجه مقتضيات المشروع بالشكل الكافي، خاصة في ظل غياب دراسات ميدانية مرافقة له.
وعلى مستوى التنظيم المهني، انتقدت النقابة ما وصفته بالمقاربة التقييدية التي جاء بها المشروع، من خلال حصر عدد العدول في سقف محدد، معتبرة أن ذلك يتناقض مع المرونة التي يتيحها الإطار القانوني الحالي، ويؤثر سلبًا على سرعة وجودة الخدمات المقدمة للمرتفقين.
كما عبّرت عن رفضها لمبدأ الإعفاء من اجتياز مباراة الولوج إلى المهنة لفئات معينة، معتبرة أن هذا التوجه يطرح إشكالات دستورية مرتبطة بتكافؤ الفرص والمنافسة العادلة، وقد يفتح الباب أمام تمييز غير مبرر بين المترشحين.
وفي ملف الأتعاب، حذرت النقابة من تداعيات تسقيف أتعاب العدول دون باقي المهن التوثيقية، معتبرة أن أي إجراء من هذا النوع، إذا لم يكن شاملاً ومنسجمًا مع قواعد المنافسة، قد يخل بمبدأ المنافسة الحرة ويؤثر على جودة الخدمات، خاصة في ظل اختلاف وضعية العدول عن الموثقين من حيث طبيعة الاستقلالية والتنظيم المهني.