في مدينة الدار البيضاء، حيث تتكدس الحياة ويزدهر الاقتصاد، تتواصل المعاناة مع أزمة النظافة التي يبدو أنها لا تنتهي، رغم الميزانيات المتزايدة التي تخصصها السلطات لهذه القضية الحيوية. فالشارع العام لا يزال يعاني من تراكم الأوساخ وانتشار القوارض، ما يطرح تساؤلات كبيرة حول جدوى الاستثمارات الضخمة التي تصل إلى مئات الملايين من الدراهم.
تعود جذور الأزمة إلى تدهور الخدمات رغم مضاعفة ميزانية تدبير قطاع النظافة، إذ ارتفعت من 26 مليار سنتيم سنة 2003 إلى حوالي 120 مليار في السنوات الأخيرة. هذا التناقض بين الكم والكيف دفع عدداً من المسؤولين إلى مراجعة الخطط والبرامج المعتمدة، خصوصاً مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي تزيد من مخاطر انتشار الحشرات والقوارض.
على هذا الأساس، قادت عمدة المدينة نبيلة الرميلي، بالتنسيق مع نائب رئيس المجلس المكلف بالنظافة وممثلي شركات التدبير المفوض، اجتماعاً موسعاً لبحث وضع خطة عاجلة تشمل التعقيم ومكافحة الآفات، وسط تحذيرات من استمرار تفاقم الوضع.
إلى جانب هذه الخطوات، تسعى جماعة الدار البيضاء إلى إطلاق شرطة نظافة جديدة لضبط المخالفات المرتبطة بالنفايات، مثل الرمي العشوائي، في محاولة للحد من السلوكات السلبية التي تعيق نظافة المدينة. كما أن العقود الحالية مع شركات النظافة على أبواب التجديد، مع إعداد دفتر تحملات جديد يستهدف رفع جودة الخدمات وتأهيل منظومة النظافة بكاملها.
وفي حديث مع عضو مجلس المدينة، كريم الكلايبي، أوضح أن هناك اتفاقية جديدة تهدف إلى تعزيز جمع النفايات وتنظيف الشوارع عبر تطوير مراكز متخصصة، ضمن إطار البرنامج الوطني للنفايات المنزلية. كما تشمل الاتفاقية جهوداً مكثفة للتوعية البيئية، مع التركيز على إشراك المواطنين في مسؤوليتهم تجاه بيئتهم.
مع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً: هل تكفي هذه الإجراءات لوقف التدهور في قطاع النظافة، أم أن الدار البيضاء تحتاج إلى إصلاحات أعمق تعيد الروح إلى شوارعها؟ يبقى الأمر تحدياً كبيراً أمام السلطات، في ظل تزايد عدد السكان وحركة النقل، مما يستدعي تضافر الجهود بين الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لتحقيق مدينة أنظف وأكثر صحة.