خاص..قادة “الاستقلال” يرفضون اعتماد القاسم الانتخابي مُجدّدا

أفادت مصادر استقلالية بأن نقاشا داخليا يتصاعد داخل حزب الاستقلال بشأن القاسم الانتخابي، وسط تزايد الدعوات المطالبة بإسقاط القاسم الانتخابي الذي تم اعتماده في الانتخابات الماضية باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية بدل عدد المصوتين، إذ من المنتظر أن تدرج المقترح في مذكرتها الموجهة لوزارة الداخلية قُبيل الانتخابات..

وتعتبر عدد من قيادات الحزب، حسب مصادر “بلبريس”، أن هذا التعديل شكل خروجا عن المنطق الديمقراطي، ومسّا خطيرا بجوهر الانتخابات التمثيلية، معتبرين أنه يضع المسار الديمقراطي على المحك، بالرغم من اعتماده في المرحلة السابقة.

وبحسب المعطيات التي حصلت عليها “بلبريس”، فإن لجنة الانتخابات داخل حزب الاستقلال، والتي يرأسها عبد الجبار الراشدي، عرفت نقاشا حادا حول هذا التعديل، في ظل تصاعد الأصوات التي ترى أن الإبقاء على “الخارج الانتخابي” المعتمد حاليا يُفضي إلى نتائج مشوهة وغير عادلة، حيث تتقارب نتائج الأحزاب بشكل مصطنع رغم التفاوت الكبير في عدد الأصوات التي يحصل عليها كل حزب.

وتؤكد المصادر ذاتها أن هذا النظام الحسابي لا يستقيم لا من حيث الدستور ولا من حيث الأعراف الديمقراطية، بل يعتبر “عملية حسابية غريبة” تؤدي إلى إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها الحقيقي، وتُكرّس مخرجات لا تعكس إرادة الناخبين

وذهبت المصادر إلى أن هذا التعديل سيفتح الباب أمام المطالبة مستقبلا باعتماد الجسم الانتخابي كاملا، أي نحو 26 مليون مغربي يحق لهم التصويت، وليس فقط المسجلين، مما سيجعل العملية برمتها مفصولة عن المشاركة الفعلية للمواطنين.

وأضافت المصادر أن هذا التعديل يتناقض مع جوهر الديمقراطية التمثيلية، ويكرس نوعا من التحييد لصوت الناخب الحقيقي لصالح أرقام وإحصاءات جامدة لا تعبر عن الإرادة الشعبية.

كما شددت المصادر على أن هذا النقاش لا يجب أن يُختزل في منطق تقني أو في معادلات انتخابية ضيقة، بل هو نقاش سياسي بامتياز يتعلق بمستقبل الخيار الديمقراطي الذي كرّسه دستور 2011 كثابت من ثوابت الدولة، إلى جانب الدين الإسلامي والوحدة الوطنية والنظام الملكي.

واعتبرت المصادر نفسها، أن الانتكاس عن هذا الاختيار هو مساس بالتوافق الوطني الذي تأسس حول مشروع الإصلاح السياسي، ومحاولة للعودة إلى الوراء في لحظة تستوجب التقدم نحو توسيع قاعدة المشاركة والثقة السياسية.

وسجلت المصادر الاستقلالية استغرابها من غياب أي نقاش وطني موسع قبل اعتماد هذا التعديل مجددا، مشيرة إلى أن أغلب الأنظمة الديمقراطية، بما فيها تلك الحديثة العهد بالديمقراطية، تعتمد على احتساب عدد المصوتين في استخراج المعدل الانتخابي، وليس عدد المسجلين، ولفتت إلى أن المغرب نفسه اعتمد هذا النظام منذ سنة 2002، باستثناء 2021، وكان محل توافق بين مختلف الفرقاء، دون أن يُطرح حينها أي اعتراض جوهري عليه.

من جهة أخرى، أكدت المصادر ذاتها أن “المشكل الحقيقي الذي يواجهه المغرب في كل استحقاق انتخابي ليس في طريقة احتساب المقاعد، بل في ضعف المشاركة الشعبية، والعزوف الواسع عن صناديق الاقتراع”.

وذكرت في هذا السياق أن “نسبة المشاركة في انتخابات 2016 لم تتجاوز 42.29 في المائة، و 50,18 في المئة سنة 2021، ضمن 26 مليون مواطن يحق لهم التصويت، وهو ما يمثل أزمة حقيقية يجب أن تكون محور أي إصلاح انتخابي مستقبلي”.

وختمت المصادر الاستقلالية بالتشديد على أن “المغرب يمر بمرحلة دقيقة تتطلب إعادة الثقة في المؤسسات وتعزيز الجبهة الداخلية، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تقوية المسار الديمقراطي، والقطع مع الآليات التي تُنتج تمثيليات هجينة ومفصولة عن إرادة الشعب، مشددة على أن الحاجة اليوم ليست إلى إعادة تقطيع الخارج الانتخابي وفق مقاسات ظرفية، بل إلى بلورة رؤية إصلاحية شاملة تعيد الاعتبار لصوت المواطن وتُقوي المسار السياسي للمملكة على المدى البعيد”.

وبالنسبة لباقي المقترحات التي يعتزم حزب الاستقلال تقديمها فلن تكون مغايرة عن الانتخابات الماضية، وستطرء عليها فقط بعد التعديلات البسيطة، ومن بينها عدم اعتماد القاسم الانتخابي.

وحاولت “بلبريس” ربط الاتصال بعبد الجبار الراشدي أكثر من مرة إلا أن هاتفه لا يجيب، قبل أن يتبيّن أنه بدأ عطلته مباشرة بعد اجتماع الأحزاب السياسية مع وزير الداخلية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *