نصب إلكتروني بواجهة شركة مشهورة يهز مدن المغرب

سقط عشرات الضحايا، في الآونة الأخيرة، في شباك عملية نصب إلكتروني محكمة، عمد منفذوها إلى استغلال اسم شركة شهيرة متخصصة في التجهيزات المنزلية للإيقاع بالمواطنين، عبر إعلانات مدفوعة الأجر على موقع «فيسبوك»، تروج لقصة خيالية مفبركة عن موظفة سابقة طردت من العمل، وقررت «الانتقام» من خلال تسريب عروض وهمية داخلية تتيح اقتناء تجهيزات منزلية فاخرة بأثمنة زهيدة لا تتجاوز بضع مئات من الدراهم، في حين أن قيمتها الحقيقية تقدر بالملايين.

وكشفت يومية «الصباح»، في عددها الصادر لنهاية الأسبوع الجاري، أن منفذي عملية النصب الإلكتروني بنوا قصتهم على استغلال الجانب الإنساني وتعاطف المتلقي مع «المظلومة»، حيث ادعوا أن موظفة سابقة تم طردها من الشركة قررت تسريب لوائح سرية لمنتجات تُباع داخليًا بثمن رمزي، وجرى إرفاق هذه القصة برابط إلكتروني يفترض أنه يحيل إلى موقع خاص بالعروض، يطلب من المستخدمين عبره إدخال معطياتهم الشخصية، مثل الاسم الكامل، العنوان، رقم الهاتف، وبيانات البطاقة البنكية، مقابل وعد بالحصول على جهاز منزلي فاخر مجانا، مقابل أداء رمزي لا يتجاوز 29 درهما كرسوم للتوصيل.

 

وأفادت اليومية، أن المحتالين تمكنوا من سحب مبالغ مالية كبيرة من الحسابات البنكية للضحايا بعد إدخالهم لمعطياتهم الشخصية، مستغلين ثغرات في الحماية الرقمية لدى بعض المستخدمين، إلى جانب غياب الوعي بمخاطر مشاركة المعلومات الحساسة. وقد تراوحت المبالغ المسروقة ما بين 1000 و4000 درهم، فيما أفاد عدد من الضحايا بتلقيهم مكالمات دولية ورسائل إلكترونية مشبوهة عقب العملية، في مؤشر على احتمال تسريب بياناتهم وبيعها لاحقا على شبكة الإنترنت المظلم.

 

وأوضحت الجريدة أن المحتالين لجؤوا إلى محتوى إعلاني مصمم بإتقان، يحاكي الهوية البصرية للشركة الحقيقية، مدعوما بتعليقات مزيفة تُوهم المتصفحين بوصول «الهدية» وجودة المنتج وندرة العرض، وهو ما ساهم في تضاعف عدد الضحايا عبر مدن مختلفة، من بينها الدار البيضاء ومراكش وطنجة وسلا.

 

وأضافت اليومية أن البيانات الشخصية للضحايا تم بيعها لاحقًا في أسواق الإنترنت السوداء، ما ضاعف من خطورة الحادثة، إذ لم تقتصر الأضرار على الخسائر المالية، بل امتدت إلى استغلال تلك المعطيات في عمليات احتيال لاحقة أو في أنشطة إلكترونية مشبوهة.

 

ونفى بعض المستخدمين بالشركة المستهدفة، في تصريح لجريدة «الصباح»، علاقتها بهذه الحملات، وأكدوا ألا صلة لها بأي عروض منشورة خارج قنواتها الرسمية، ولا تقدم تجهيزات مجانية أو مخفضة الثمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي داعين الزبناء إلى ضرورة الحذر، والتعامل فقط مع المواقع الموثوقة والمعروفة، وعدم الإدلاء بمعلومات بنكية أو شخصية لأي جهة مجهولة.

 

كما أوردت اليومية أن المحتالين استغلوا ما يعرف في مجال الأمن السيبراني بـ«الهندسة الاجتماعية»، وهي تقنية تقوم على التلاعب النفسي لبناء ثقة زائفة، تمكن من الحصول على معطيات حساسة، عبر سيناريوهات مثيرة للعواطف أو الفضول، من قبيل «موظف مظلوم يسعى للانتقام» أو «عرض محدود لا يُعوّض»، وهي أنماط أثبتت فعاليتها في استدراج فئة واسعة من المستخدمين.

 

وأضافت الصحيفة أن محدودية الوعي الرقمي لدى فئات عريضة من المواطنين، إلى جانب غياب حملات توعية رسمية، ساهمت في تفاقم هذه الظاهرة، كما زاد من حدتها بطء التفاعل مع البلاغات المرتبطة بالصفحات الاحتيالية، حيث واصلت بعض الصفحات أنشطتها لأيام رغم تعدد التبليغات، مما يثير تساؤلات حول فعالية الرقابة على المنصات الرقمية، خاصة تلك التي تُستغل في ترويج هذا النوع من الإعلانات الوهمية.

 

يذكر أن النصب الإلكتروني بالمغرب تطور ليأخذ أشكالا أكثر احترافية، إذ لم يعد يقتصر على رسائل البريد الاحتيالية أو مكالمات مجهولة من الخارج، بل بات يستخدم أسماء شركات موثوقة لإقناع الضحية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *