تقدّم فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمقترح قانون تنظيمي يرمي إلى تعديل وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، وذلك في إطار المساعي الهادفة إلى تعزيز المشاركة السياسية للنساء وتقوية حضورهن داخل المؤسسات المنتخبة.
ويرتكز المقترح على ما أسماه الفريق البرلماني بـ”آلية التمييز الإيجابي”، التي سبق للمحكمة الدستورية أن أجازتها في إطار قراءتها لمضامين الدستور، خاصة تلك المتعلقة بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية للمرأة.
استثناء النساء من التنافي
من بين أبرز التعديلات التي اقترحها فريق “الكتاب”، استثناء النساء من حالات التنافي بين عضوية مجلس النواب ورئاسة بعض الجماعات الترابية.
ويدعو المقترح إلى تعديل المادة 13 من القانون التنظيمي بإضافة فقرة جديدة تنص على أن “لا تخضع لأحكام الفقرة الثانية من هذه المادة مجالسُ الجماعات الترابية التي تتولى رئاستها نساء”.
وتجدر الإشارة إلى أن الفقرة الثانية من المادة 13 تنص على تنافي العضوية في مجلس النواب مع رئاسة مجلس جهة، أو عمالة، أو إقليم، وكذلك مع رئاسة كل جماعة يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة، حسب آخر إحصاء رسمي.
مكاسب دستورية
في مذكرة تقديمية مرفقة بالمقترح، شدد فريق التقدم والاشتراكية على أن المغرب حقق تقدمًا ملموسًا في مجال تمكين النساء سياسيًا، خاصة بعد اعتماد دستور 2011 الذي أقرّ مبدأ المناصفة كمبدأ دستوري، وأسس لمسار وطني داعم لتعزيز حضور المرأة في الشأن العام.
وأشار إلى أن نظام “اللائحة الوطنية” المخصصة للنساء، أو ما يُعرف بـ”الكوطا”، شكل تجربة ريادية منذ اعتمادها لأول مرة خلال انتخابات 2002، حيث خصص حينها 30 مقعدًا للنساء، وتم رفع العدد إلى 60 مقعدًا في انتخابات 2011، ليصل إلى 90 مقعدًا خلال انتخابات 2021، حيث جرى تخصيصها ضمن لوائح جهوية.
تطور في تمثيلية النساء
وفق المعطيات التي قدمها الفريق، فإن نسبة تمثيلية النساء داخل مجلس النواب شهدت تحسنًا ملحوظًا، إذ ارتفعت من 20.51% خلال الولاية التشريعية 2016-2021 إلى 24.3% في الولاية الحالية (2021-2026). ويعادل هذا التمثيل قرابة 95 نائبة برلمانية من أصل 395 عضواً.
ورغم هذا التطور الإيجابي، لاحظ الفريق تراجع عدد النائبات المنتخبات عبر اللوائح المحلية، مقابل ارتفاع نسبي في عدد الترشيحات النسائية، التي تجاوزت نسبتها 34.2%، ما يشير إلى وجود عوائق ما زالت تحدّ من وصول النساء إلى البرلمان عبر الانتخابات المباشرة.
تحسن تمثيلية النسائية بالنواب
لم يقتصر تقييم الفريق على الغرفة الأولى فقط، بل امتد ليشمل مجلس المستشارين، حيث أشار إلى أن انتخابات 5 أكتوبر 2021 أسفرت عن فوز 14 مستشارة برلمانية، من أصل 120 مقعدًا، وهو ما اعتبره مؤشرًا إضافيًا على التحولات الإيجابية التي تشهدها التمثيلية النسائية في المشهد السياسي الوطني.
وأكد الفريق أن هذه النتائج تعكس وعيًا متزايدًا لدى الفاعلين السياسيين بأهمية إشراك النساء في اتخاذ القرار، وتعزيز تواجدهن داخل المؤسسات التشريعية والمنتخبة.
تعزيز الحضور السياسي للنساء بتعديلات جريئة
خلص فريق التقدم والاشتراكية إلى أن المسار الإصلاحي الذي يهدف إلى تمكين المرأة سياسياً، لا بد أن يُستكمل من خلال إجراءات تشريعية جريئة وفعالة.
وأكد أن المقترح المقدم لا يهدف فقط إلى تحقيق تمثيلية عددية، بل يسعى أيضًا إلى خلق ظروف أكثر عدالة للنساء اللواتي يتولين مهام تدبير الشأن المحلي، من خلال تمكينهن من التراكم السياسي عبر الجمع بين رئاسة الجماعات ومهام التشريع.
واعتبر الفريق أن من شأن هذا الاستثناء المقترح أن يساهم في إزالة الحواجز التي لا تزال تحول دون انخراط النساء في العمل السياسي الفعلي، وأن يعزز من حضورهن في مواقع القرار على الصعيدين المحلي والوطني، في إطار رؤية وطنية شاملة تستند إلى مبدأ الإنصاف والمساواة.