قال رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، في كلمته خلال اختتام الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الرابعة، إن المجلس يواصل أداء مهامه بكل وعي والتزام، في انسجام مع التوجيهات الملكية السامية، وإعمالا لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي، مؤكداً أن اللجان النيابية الدائمة والمجموعات الموضوعاتية والمهام الاستطلاعية ستستمر في أشغالها وفق البرمجة المحددة، كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
وأضاف الطالبي العلمي أن اختتام الدورة يتزامن مع الذكرى 26 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، وهي مناسبة “نجدد فيها آيات الولاء والإخلاص لجلالته”، مشيراً إلى أن المغرب عرف خلال هذه السنوات تحولات جذرية تمثلت في مسارات التحديث والبناء وتعزيز المؤسسات، مما جعل المملكة تحظى باحترام وتقدير على المستوى الدولي.
وتابع رئيس المجلس أن قضية الوحدة الترابية ظلت في قلب الإنجازات الوطنية، حيث أبرز أن الدينامية الإيجابية التي تعرفها هذه القضية، تعكس نجاحات دبلوماسية متواصلة، قائلاً: “بفضل قيادة جلالة الملك، تحقق بلادنا مزيدًا من الانتصارات السياسية والدبلوماسية، ترسيخًا لوحدتها الترابية، وتكريسًا لمشروعيتها التاريخية والقانونية”.
وفي هذا السياق، شدد الطالبي العلمي على ثلاثة مرتكزات أساسية تعزز هذا المسار، أولها تشبث سكان الأقاليم الجنوبية بمغربيتهم، وثانيها المشاريع الإنمائية الكبرى التي غيرت وجه المنطقة، وثالثها الأمن والاستقرار الذي تحققه القوات المسلحة الملكية باحترافية عالية، مضيفًا: “هي مناسبة لنعبر فيها عن تقديرنا للقائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، ولأفراد القوات المسلحة والدرك الملكي والأمن والسلطات الترابية”.
ولم يفت رئيس المجلس أن يدين بشدة الاعتداء الإرهابي الذي استهدف إقليم السمارة يوم 28 يونيو الماضي، معتبرا أن هذه الأفعال “لن تنال من وحدة الوطن ولا من عزيمة مؤسساته”، مشدداً على أن هذه المحاولات “تتكسر على صخرة التلاحم بين العرش والشعب”.
على صعيد آخر، أبرز الطالبي العلمي أن المجلس واصل عمله الدبلوماسي البرلماني، خاصة من خلال الدفاع عن القضية الوطنية داخل المنتديات الدولية، ومنها المنتدى البرلماني المغربي الموريتاني الذي احتضنته نواكشوط، مبرزًا أن أداء المؤسسة التشريعية يعكس الرؤية الملكية في تدبير العلاقات الخارجية للمغرب، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الإفريقية والمبادرات الكبرى كأنبوب الغاز الأطلسي.
وفيما يخص العمل التشريعي، أوضح أن المجلس صادق خلال الدورة على 14 مشروع قانون، من ضمنها نصوص تأسيسية تتعلق بحقوق الإنسان، والإعلام، والقضاء، كما تم التصويت على 27 مقترح قانون، مع تقديم 8076 تعديلاً، قبل منها 1548، ما يبرز – بحسب تعبيره – “بصمة المجلس وتعاون مكوناته مع الحكومة”.
وفي مجال الرقابة، ذكر رئيس المجلس أنه تم عقد 12 جلسة عمومية خصصت للأسئلة الشفوية، وجلستين لمساءلة رئيس الحكومة حول التعليم والصحة، بالإضافة إلى توجيه 2394 سؤالًا كتابيًا وتلقي 1420 جوابًا، مشيرًا إلى استمرار العمل بالمهام الاستطلاعية، حيث تم إنجاز تقارير حول الأحياء الجامعية، وشركة الطرق السيارة، ومشروع “فرصة”، إلى جانب تقارير جاهزة حول أسعار المواد الأساسية والذكاء الاصطناعي سيتم النظر فيها خلال الدورة المقبلة.
وأكد العلمي أن المجلس ناقش تقارير مؤسسات دستورية كوسيط المملكة ورئاسة النيابة العامة، وأحال مشروعي قانون على كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان لإبداء الرأي، كما تم تفعيل الفصل 132 من الدستور بإحالة قانون المسطرة المدنية على المحكمة الدستورية، معتبراً أن ذلك “يعكس الحرص على تعزيز ممارسة الاختصاصات البرلمانية وفق مقتضيات الدستور”.
وأبرز في السياق ذاته أن المؤسسة التشريعية حريصة على تقوية النقاش العمومي وتعزيز انفتاحها على المجتمع، من خلال تنظيم 16 لقاءً دراسيًا ومناظرة، فضلاً عن 775 اجتماعًا للجان، بين ما هو رقابي وتشريعي.
ولم يخف الطالبي العلمي انتقاده للحملات الممنهجة التي تستهدف صورة المغرب، قائلا: “بعض الجهات يغيظها نجاح المغرب، فتُمعن في حملات تشهير وابتزاز ممنهجة ضد مؤسساته”، مردفاً: “لكن الحقيقة تعاكسهم، فالعالم يشهد للمغرب بنجاحاته واستقراره، ومصداقية مؤسساته”.
وأشار إلى أن كل ما تحقق ما كان له أن يتم لولا التعاون والتفاعل بين مكونات المجلس، والأجهزة الحكومية والمؤسسات الدستورية، قائلا: “رغم اختلاف منطلقاتنا السياسية، إلا أن هاجسنا المشترك هو تعزيز تموقع المغرب دوليا، وتقوية ديموقراطيته”.
وفي ختام كلمته، أكد الطالبي العلمي على تعبئة المجلس الدائمة لمواصلة العمل، وتحقيق تطلعات الشعب المغربي تحت قيادة الملك محمد السادس، مجددًا الإشادة بالأجهزة الأمنية وموظفي المجلس وكل من ساهم في إنجاح أشغاله.