مسيرة احتجاجية لساكنة "آيت بوكماز" نحو بني ملال (فيديو+صور)

لطيفة شهيد - صحفية متدربة

في مشهد يعكس عمق الإحباط وشدة التهميش الذي تعانيه منطقة آيت بوكماز بإقليم بني ملال، خرجت ساكنة المنطقة في مسيرة احتجاجية، أمس الأربعاء، قاطعةً عشرات الكيلومترات في تضاريس وعرة وتحت أشعة الشمس الحارقة، في اتجاه ولاية بني ملال، محملة بشعارات الغضب والأمل في آن واحد.

هذه الخطوة، التي أطلق عليها أبناء المنطقة اسم "طريق المعاناة نحو الكرامة"، لم تكن وليدة لحظة، بل جاءت تتويجا لسنوات طويلة من الانتظار والوعود المؤجلة، ولسلسلة من اللقاءات التي لم تثمر عن أي تغيير ملموس على أرض الواقع.

المشاركون في المسيرة، الذين قدموا من مختلف دواوير الجماعة، عبروا عن سخطهم الشديد إزاء الأوضاع التنموية المتردية والخدمات الأساسية شبه الغائبة. فالطريق الجهوية رقم 302، عبر ممر تيزي نترغيست، والطريق رقم 317 عبر آيت عباس، تعيشان تدهوراً خطيرا حول التنقل إلى مغامرة يومية، خاصة في فصل الشتاء، حيث تتضاعف العزلة ويصعب الوصول إلى أقرب مركز صحي أو إدارة، وهي الوضعية التي دفعت الساكنة إلى المطالبة بإصلاح شامل للبنية الطرقية، باعتبارها المدخل الأول لفك العزلة وتحقيق التنمية.

 

كما شكل غياب الطبيب القار في المركز الصحي الوحيد نقطة سوداء في حياة السكان، حيث يضطر المرضى، ومنهم النساء الحوامل والحالات المستعجلة، إلى التنقل لمسافات طويلة نحو مدينة أزيلال، في ظروف قاسية لا تضمن السلامة ولا الكرامة. هذا النقص في الرعاية الصحية يعتبره المحتجون مؤشراً صارخاً على الإقصاء.

ومن بين الإكراهات الأخرى التي دفعت الساكنة للاحتجاج، ضعف تغطية شبكة الهاتف والأنترنيت، ما يحرم التلاميذ من متابعة دروسهم عن بعد ويقوض فرص تطوير السياحة الجبلية، أحد الموارد الاقتصادية المتاحة في المنطقة. كما طالب شباب آيت بوكماز بإحداث ملعب رياضي كبير وبنيات ترفيهية، في ظل انعدام كلي لمثل هذه الفضاءات، ما يدفع بفئة الشباب نحو الفراغ والانغلاق.

طرح السكان أيضا مشكلة رخص البناء، التي تتحول إلى عائق حقيقي أمام الاستقرار بسبب تعقيدات إدارية لا تراعي طبيعة الوسط الجبلي. كما دعوا إلى إنشاء مركز للتكوين في المهن الجبلية والحرف البيئية، من أجل إدماج الشباب في دينامية اقتصادية محلية. وشددوا كذلك على ضرورة بناء سدود تلية تقي الأراضي الفلاحية من الفيضانات التي تتكرر كل سنة وتخلف خسائر جسيمة.

 

خطوة الاحتجاج هذه جاءت بعد لقاءات متكررة لم تفض إلى نتائج، وهو ما عزز شعورا عاما بفقدان الثقة في وعود المسؤولين. ويأمل المشاركون أن تجد أصواتهم صدى لدى السلطات، وأن تتحول مطالبهم إلى قرارات فعلية بعيدا عن الخطابات الموسمية والمشاريع الورقية