في مشهد مؤلم يعكس عمق التوتر وانعدام الإنسانية، تسلمت السلطات المغربية قبل أيام جثتي شابين مغربيين من نظيرتها الجزائرية، بعد فتح استثنائي ومؤقت لمعبر "زوج بغال" الحدودي المغلق منذ سنوات.
عملية التسليم تمت وسط إجراءات أمنية مشددة، وكأن الأمر يتعلق بعملية عسكرية لا بحدث إنساني، وهو ما يكشف عن عمق الأزمة التي يحاول النظام الجزائري طمس معالمها خلف شعارات جوفاء.
هذه الواقعة ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات التي يراكمها النظام الحاكم في الجزائر ضد المغاربة، وضد مبدأ الجوار والتعاون الإقليمي. أكثر من سنتين انتظرت فيها عائلتا الشابين لحظة الوداع الأخيرة، وسط صمت رسمي وتجاهل مريع من جانب الجزائر، التي ما زالت تحتجز عشرات الجثث المغربية دون أي مبرر إنساني أو قانوني.
ووفق الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، فإن أكثر من 400 ملف يرتبط بحالات احتجاز ومحاكمات لمغاربة في الجزائر، بينما لا تزال ست جثث، منها جثتان لفتاتين تنحدران من الجهة الشرقية، قابعة في ثلاجات الموتى، رهينة مزاج سياسي منفصل عن الواقع ومتجرد من الحس الإنساني.
النظام الجزائري، الذي فقد كل بوصلة دبلوماسية، لم يعد فقط في قطيعة مع المغرب، بل دخل نفق العزلة الإقليمية والدولية، نتيجة سياسات عدائية لا تستهدف سوى الشعوب، وتحديداً الشعب المغربي، الذي يدفع ثمن عداء نظام لا يؤمن بالجوار ولا بالقانون الدولي.
ما يحدث ليس خلافًا سياسياً بقدر ما هو مأساة إنسانية تُدار بعقلية العقاب الجماعي. شباب مغاربة محتجزون دون أفق، عائلات تترنح بين الأمل واليأس، وجثامين تُحتجز وكأنها أوراق ضغط في لعبة سياسية خاسرة.
وفي ظل هذا الوضع المقلق، تجدد جمعيات حقوقية نداءها العاجل لتسوية هذا الملف المؤلم، مطالبة بالكشف عن مصير المفقودين وضمان عودة المحتجزين، في وقت ينتظر فيه الرأي العام أن تنتصر الكرامة على الحسابات الباردة للنظام الجزائري.