التوت الأزرق المغربي يغزو أوزبكستان... وندرة المياه تدق ناقوس الخطر

واصل المغرب تعزيز حضوره في أسواق آسيا الوسطى، بعدما تصدّر قائمة الدول المصدّرة للتوت الأزرق الطازج إلى أوزبكستان خلال عام 2024، في إنجاز لافت يعكس دينامية فلاحية موجهة للتصدير.

 

وكشفت منصة “EastFruit” المتخصصة في الاقتصاد الزراعي وسوق الفواكه، أن المغرب صدّر كميات قياسية من التوت الأزرق إلى السوق الأوزبكية، التي استوردت ما مجموعه 310 أطنان من هذه الفاكهة خلال سنة واحدة، وهو أعلى رقم في تاريخ وارداتها.

 

وبحسب يفهين كوزين، محلل سوق البستنة لدى المنصة، فإن الشحنات المغربية واصلت تدفقها إلى أوزبكستان في أول شهرين من سنة 2025، ما يؤشر على طلب متزايد من المستهلك الأوزبكي على هذه الفاكهة الفاخرة، ويمنح المغرب موقعاً متميزاً في سوق واعدة.

 

وأشار التقرير إلى أن الاستهلاك الفعلي للتوت الأزرق في أوزبكستان قد يكون أكبر من المعلن رسمياً، نظراً لوجود واردات غير مسجلة، ما يفتح الباب أمام إمكانيات نمو إضافية للمصدرين، وعلى رأسهم المغرب.

 

ويأتي هذا التقدم في ظل انتعاش اقتصادي تشهده منطقة آسيا الوسطى، حيث توقّع صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة 6.5% في أوزبكستان و5% في كازاخستان بين 2023 و2024، ما يجعل هذه الأسواق أكثر جاذبية من الأسواق الأوروبية التي تعاني من تباطؤ.

 

ولم يكن هذا التوسع وليد الصدفة، بل جاء مدعوماً بانخراط المغرب في مبادرات دولية تقودها منظمة الأغذية والزراعة (FAO) والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، والتي تسعى إلى تنويع وجهات التصدير وتعزيز الشراكات جنوب-جنوب.

 

وقد شكلت البعثة التجارية المغربية إلى العاصمة طشقند في ماي 2024 محطة استراتيجية لترسيخ الحضور المغربي بالمنطقة، وتوسيع قنوات التبادل التجاري مع دول آسيا الوسطى.

 

غير أن هذا الأداء التصديري المتميز يُقابله جدل داخلي متصاعد بشأن الأثر البيئي للمزروعات الفلاحية الموجهة للتصدير، وعلى رأسها التوت الأزرق، الذي يُصنف ضمن الزراعات الأكثر استهلاكاً للمياه.

 

ويُحذر خبراء من أن النجاحات التصديرية لا يجب أن تحجب أزمة المياه العميقة التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، بفعل توالي فترات الجفاف وسوء تدبير الموارد المائية، داعين إلى مراجعة النموذج الفلاحي بما يراعي الأمن المائي والعدالة المناخية.

 

وبين الطموح التصديري والإكراه البيئي، يجد المغرب نفسه أمام تحدي الموازنة بين تعزيز مكانته في الأسواق العالمية، وحماية موارده الطبيعية التي تزداد ندرة وتُهدد استدامة المكاسب الاقتصادية المحققة.