في تطوّر لافت يعكس ما يدور في كواليس المؤسسة التشريعية، كشف أحمد البواري، وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات، عن تعرضه المتكرر لـ"مضايقات ممنهجة" من طرف بعض البرلمانيين، الذين لا يتوانون عن مطاردته بأسئلة وطلبات ذات طابع شخصي كلما وطئت قدماه قبة البرلمان.
"ملفات شخصية.. لا قضايا وطنية"
الوزير البواري، المعروف بحضوره المنتظم وتفاعله الجاد داخل اللجان النيابية، خاصة في الاجتماعات الموضوعاتية كما حدث مطلع الأسبوع الجاري، رفض بشكل قاطع توظيف العمل البرلماني كوسيلة لابتزاز سياسي أو لتصفية حسابات خاصة، مشددا على أن بعض النواب لا يملّون من تكرار نفس المطالب، وكأنهم في مهمة تصفية "ملفاتهم" وليس في موقع تمثيل المواطنين.
قبة البرلمان ليست "مكتب خدمات"
وبلغة لا تخلو من الامتعاض، اعتبر الوزير أن قبة البرلمان تحولت في بعض اللحظات إلى ما يشبه "مكتب خدمات خاصة"، بدل أن تكون فضاءً لمساءلة الحكومة حول السياسات العمومية والمصلحة العامة. وأوضح أن الضغوط المتزايدة لا تستهدف سوى إخراجه عن مسار الشفافية والعمل المؤسساتي، في وقت تحتاج فيه القطاعات التي يشرف عليها إلى الهدوء والعمل الميداني الجاد لمواجهة التحديات الكبرى، وعلى رأسها الجفاف وتدبير الأمن الغذائي.
"الابتزاز تحت غطاء الرقابة"
مصدر من محيط الوزير أكد لـ"بلبريس" أن بعض البرلمانيين يلجؤون إلى تكرار نفس الطلبات بأساليب ملتوية، مستخدمين غطاء الرقابة البرلمانية لتمرير مصالحهم الشخصية أو مصالح جهات بعينها، وهو ما يشكل، حسب المصدر، انحرافًا خطيرًا عن روح العمل الرقابي الجاد والمسؤول.
معركة البواري: من أجل الفلاحة أم ضد التشويش؟
يحظى الوزير أحمد البواري بسمعة إيجابية داخل الأوساط الحكومية والبرلمانية بفضل منهجيته التواصلية وتتبعه الميداني لعدد من الملفات الحيوية، إلا أن الضغوط المتكررة جعلته يرفع الصوت عالياً هذه المرة، في رسالة مشفّرة إلى من "يحولون البرلمان إلى فضاء للمصالح الضيقة بدل النقاش السياسي المسؤول".
دعوة إلى احترام أخلاقيات العمل النيابي
في ظل هذه المعطيات، يتزايد الحديث في كواليس البرلمان عن ضرورة إعادة الاعتبار لمفهوم "النائب البرلماني كمراقب ومقترح قوانين"، لا كوسيط لتحقيق الامتيازات. كما تتعالى أصوات تطالب بفتح نقاش مؤسساتي حول أخلاقيات العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، من أجل ضمان الاحترام المتبادل والتعاون البناء في خدمة الصالح العام.
ويبدو أن أحمد البواري دخل مرحلة "الرد المباشر" على التشويش السياسي، مدعومًا بثقة المؤسسة التي ينتمي إليها، وبإرادة مواصلة الإصلاح داخل قطاع فلاحي حساس يترقبه المغاربة بكثير من الأمل في ظل تقلبات مناخية واقتصادية غير مسبوقة.