في تطور سياسي مثير داخل مجلس النواب، كشفت صحيفة "الصباح" عن إخفاق المعارضة البرلمانية في تقديم ملتمس الرقابة المنتظر ضد الحكومة، والذي كان من المقرر عرضه خلال جلسة مساء الاثنين، وذلك نتيجة صراعات داخلية بين مكوناتها، الأمر الذي أفشل التوافق وأضعف المسعى الرامي إلى إحراج السلطة التنفيذية.
ووفقًا لما أوردته الصحيفة استنادًا إلى مصادر مطلعة، فإن الخلافات برزت بشكل واضح بين مجموعة العدالة والتنمية وفريق الاتحاد الاشتراكي، حيث تمسك كل طرف بأحقيته في تلاوة ملتمس الرقابة خلال الجلسة العامة. الاتحاديون، الذين بادروا بإعداد الملتمس، رأوا أنهم الأجدر بتقديمه، وهو ما دفع إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إلى دعوة رئيس الفريق النيابي عبد الرحيم شهيد للتشبث بهذا الحق وعدم التنازل عنه.
في المقابل، اعتبرت مجموعة العدالة والتنمية أنها الأحق بتلاوة النص، بالنظر إلى أن عبد الله بووانو يشغل منصب منسق عمل فرق المعارضة، في إطار التناوب بين مكوناتها. وزاد الوضع تعقيدًا بدخول حزب الحركة الشعبية على الخط، مدعومًا بمكانة أمينه العام محمد أوزين، الذي يشغل منصب نائب رابع لرئيس مجلس النواب، ما يمنحه وفق رأيهم مكانة اعتبارية وسياسية تخوّله تلاوة الملتمس.
هذا التنازع لم يرق لفريق حزب التقدم والاشتراكية، حيث أبدى رئيس الفريق رشيد حموني انزعاجه مما وصفه بـ"صراع على الأضواء"، مهددًا بالتراجع عن جمع التوقيعات والانسحاب كليًا من المبادرة، إن استمرت التجاذبات. ووفقًا للمصادر نفسها، فقد اعتبر حموني أن الأولوية ينبغي أن تكون لتوحيد الجهود وصياغة ملتمس يعبّر عن الموقف الدستوري والسياسي للمعارضة، لا التسابق نحو "حظوة عابرة".
وأمام هذا الانسداد، عقدت مكونات المعارضة اجتماعًا طارئًا مساء الاثنين في محاولة لحل الخلافات، حيث أشارت الصحيفة إلى أن التقدم والاشتراكية قد ينسحب في حال فشل الحوار.
وفي حال توصل الفرقاء إلى توافق، يُرتقب أن يُقدم ملتمس الرقابة إلى رئاسة مجلس النواب يوم الثلاثاء، في مسعى لإحراج الحكومة سياسيًا ودفعها لتحمل مسؤوليتها كاملة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تنشب فيها الخلافات بين مكونات المعارضة. فقد سبق للعدالة والتنمية أن رفض نسخة سابقة من الملتمس بعدما أطلق إدريس لشكر المبادرة بشكل منفرد، دون تنسيق مع باقي الفرق. كما أن حزب الحركة الشعبية طالب بضمانات مكتوبة من الاتحاد الاشتراكي بعدم المشاركة في الحكومة، خاصة في ظل الحديث عن تعديل وزاري مرتقب.
وأبرزت الصحيفة كذلك استمرار توتر العلاقة بين الاتحاد الاشتراكي وباقي فرق المعارضة، حيث امتنع الفريق الاشتراكي عن المشاركة في لجنة تقصي الحقائق بشأن استيراد الغازوال الروسي وبيعه بأثمان مرتفعة، كما ساد التوتر علاقته بالعدالة والتنمية منذ أن هاجم عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، لشكر بشدة، رغم أن الأخير أكد أن حزبه لا يشارك في الحكومة الحالية.
في المجمل، يبدو أن الصراع على الزعامة داخل المعارضة البرلمانية أفشل خطوة كان من الممكن أن تعيد التوازن إلى المشهد السياسي، وتكشف محدودية الانسجام بين مكوناتها، في وقت تتعزز فيه قوة الأغلبية داخل البرلمان.