طلبة الطب يُحذرون: مطالبنا تُهمّش ومحضر الاتفاق معلق… ووزارة الصحة في قفص الاتهام

وجهت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة رسالة مفتوحة شديدة اللهجة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، تطالبه فيها بالتجاوب الفوري مع المطالب المتفق عليها في محضر التسوية الموقع قبل أشهر، مشيرة إلى ما وصفته بـ"اللامبالاة الرسمية"، و"النكوص عن الالتزامات"، التي باتت تهدد مناخ الاستقرار داخل كليات الطب في المغرب.

وأكد الطلبة، في الرسالة التي توصلت بها جريدة "بلبيرس"، أن بنود المحضر الموقع لم تعرف أي تقدم ملموس، رغم مرور وقت طويل على توقيعه، في ظل "غياب الجدية" و"عدم احترام الآجال المقررة"، ما يُغذي حالة احتقان داخل الوسط الطلابي، ويُعيد إلى الأذهان توترات سابقة شلّت مؤسسات التكوين الطبي لما يقارب سنة.

التداريب الاستشفائية على رأس المطالب العالقة

مصدر مسؤول داخل اللجنة الوطنية أوضح لـ"بلبيرس" أن أغلب النقاط العالقة في محضر الاتفاق تتعلق بوزارة الصحة، وعلى رأسها توسيع ميادين التداريب الاستشفائية وتحسين ظروفها، إلى جانب إصدار مرسوم خاص بالأطباء الخارجيين، وهي بنود حاسمة في التكوين الطبي، لكنها لم تُفعل إلى الآن.

وأضاف المتحدث أن الطلبة لم يلمسوا أي تفاعل جاد من الوزارة المعنية، حيث ظل التواصل معها منعدمًا تقريبًا، في مقابل عقد اجتماع يتيم مع وزارة التعليم العالي، رغم أن أغلب محاور الاتفاق تخص وزارة الصحة، من حيث التداريب والمباريات والمرسومات التنظيمية.

تعويضات... لم تُصرف بعد

وفي سياق متصل، شدد المتحدث على أن الزيادة في التعويضات عن المهام، والتي تم الاتفاق على تفعيلها بدءاً من السنة الجامعية الحالية، لم تجد بعد طريقها إلى التنفيذ، نتيجة تأخر تحيين المرسوم المتعلق بالأطباء الداخليين والخارجيين والمقيمين.
وأوضح أن هذا التعويض، الذي كان يُنتظر أن يحسّن الوضعية المالية للطلبة، لا يزال مجرد "وعد مؤجل"، في وقت يظل فيه التعويض الحالي الهزيل، والذي لا يتجاوز 21 درهمًا في اليوم، بعيدًا كل البعد عن تغطية متطلبات الحياة الجامعية، من نقل وسكن وتغذية.

مراسلات دون رد... وتصعيد وارد

في رسالتها، عبّرت اللجنة عن استيائها من "عدم فتح قنوات الحوار" و"تجاهل المراسلات المتكررة"، معتبرة أن هذا السلوك يتنافى مع روح الاتفاق ويعيد إنتاج منطق الإقصاء والتسويف، الذي كان سببًا في أزمات سابقة عصفت بالسير العادي للتكوين الطبي.

وجاء في الرسالة:
"لقد عبّرتم في لقاء سابق، بحضور وزير التعليم العالي، عن نية صادقة في إشراك الطلبة في مسار الإصلاح وتجاوز أخطاء السنوات الماضية، والتي أفضت آخرها إلى شل كليات الطب والصيدلة لما يناهز 11 شهرًا. لكننا، ورغم مراسلاتنا المتكررة، لم نلق أي تجاوب عملي، ما يُكرس سياسة الآذان الصماء وتكرار نفس النهج السابق."

وأضافت اللجنة أن التأخر في تفعيل الزيادة المتفق عليها يعكس غياب إرادة حقيقية لتنفيذ ما تم التوقيع عليه، متسائلة بوضوح:
"ما مبرر هذا التأخر؟ وهل تلتزمون فعلاً بتطبيق ما تم الاتفاق عليه؟"

ملف قابل للانفجار

وحذّر الطلبة من أن هذا الملف "لم يعد يحتمل مزيدًا من التسويف"، مشيرين إلى أن مناخ الاحتقان داخل كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بلغ مستويات مقلقة، قد تُفضي إلى خطوات تصعيدية إذا استمر التجاهل الرسمي، محملين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المسؤولية الكاملة عن الوضع الراهن.

وفي الوقت الذي يعوّل فيه المغرب على إصلاح المنظومة الصحية، وتوفير أطر طبية مؤهلة قادرة على سد الخصاص في الموارد البشرية، يبدو أن تجاهل المطالب العادلة لطلبة الطب، وغياب الحوار المسؤول، قد يُقوض هذا المسار، ويعيد إلى الواجهة سيناريوهات شلل الكليات وتوقف التكوين.

ويبقى السؤال مطروحًا أمام الوزير أمين التهراوي: هل تفي الوزارة بوعودها قبل فوات الأوان؟ أم أن التصعيد الطلابي بات مسألة وقت؟