بنكيران يحشد أنصاره ضد الرميد بعد تصريحاته المثيرة عن "بلوكاج" 2016
عاد التوتر ليخيم مجددًا على المشهد الداخلي لحزب العدالة والتنمية، بعدما فجّرت تصريحات جديدة للمصطفى الرميد، القيادي السابق في الحزب ووزير العدل والحريات الأسبق، موجة من الردود والانتقادات، كان أبرزها من عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، الذي سارع إلى تحفيز أنصاره على مواقع التواصل الاجتماعي للرد والدفاع عن الرواية التي يتبناها بخصوص مرحلة ما بعد انتخابات 2016، والتي انتهت بما عُرف حينها بـ"بلوكاج تشكيل الحكومة".
الرميد، الذي أعلن اعتزاله السياسة منذ فترة، عاد من خلال خرجته الإعلامية الأخيرة ليُعيد إلى الواجهة تفاصيل تلك المرحلة الحرجة، حيث أعاد تفسير بعض ما تداولته الصحف الوطنية حينها بشأن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تعثر تشكيل الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران، رغم تصدر حزبه نتائج الانتخابات التشريعية. هذه التصريحات، وإن لم تكن جديدة بالكامل، إلا أن توقيتها وسياقها أعادا إحياء خلافات كانت مطمورة داخل الحزب، وأثارت حفيظة قياداته الحالية.
مصادر مقربة من الأمانة العامة لحزب "البيجيدي" كشفت أن بنكيران اعتبر تصريحات الرميد نوعًا من "الخذلان السياسي"، خصوصًا أنها تأتي في لحظة دقيقة يحاول فيها الحزب إعادة ترتيب صفوفه بعد تراجعه الانتخابي الكبير في استحقاقات 2021. وفي خطوة تعكس حساسيته تجاه ما يصفه بـ"التحريف المتعمد للتاريخ"، دعا بنكيران أنصاره إلى التصدي لما وصفه بـ"التضليل"، وتوضيح ما جرى خلال تلك المرحلة للرأي العام، مع التأكيد على أن البلوكاج لم يكن نتيجة أخطاء داخلية، وإنما بفعل تدخلات فوقية حالت دون استكمال المشاورات.
ورغم إعلان الرميد سابقًا اعتزاله العمل السياسي، إلا أن تكرار ظهوره الإعلامي وخوضه في قضايا حساسة، كملف تشكيل حكومة 2016، جعل البعض يتساءل عن حقيقة "اعتزاله"، حيث لم يتردد مناصرو بنكيران في تذكيره بتصريحات سابقة أعلن فيها بشكل صريح استقالته من الحزب وانسحابه من الحياة السياسية، معتبرين خروجه الإعلامي الأخير تناقضًا مع موقفه السابق، بل "تنصلًا من الالتزام الأخلاقي تجاه قواعد الحزب".
الجدير بالذكر أن الرميد يُعد من أبرز الوجوه التي طبعت مسيرة العدالة والتنمية خلال العقدين الماضيين، ورافق بنكيران في مراحل حاسمة من تجربته السياسية، قبل أن تتباين رؤيتهما تدريجيًا، خاصة في أعقاب إعفاء بنكيران من تشكيل الحكومة سنة 2017، وتكليف سعد الدين العثماني بالمهمة بدلًا عنه. هذا الحدث كان بداية شرخ واضح داخل الحزب، تجلى لاحقًا في العديد من الاستقالات والانتقادات، التي ساهمت في اهتزاز صورة الحزب أمام قواعده ومتابعيه.
ويبدو أن تداعيات هذا الخلاف الداخلي لن تقف عند حدود التصريحات والردود المتبادلة على وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، بل قد تفتح المجال أمام صراعات جديدة بين ما تبقى من رموز "البيجيدي"، في وقت يسعى فيه الحزب جاهداً لاستعادة توازنه السياسي والشعبي.
وفي ظل هذه التجاذبات، يُطرح السؤال مجددًا: هل يستطيع حزب العدالة والتنمية تجاوز صراعاته الداخلية، ورسم طريق عودة فعلي للحياة السياسية، أم أن شبح الماضي سيظل يلاحقه، ويحول دون تحقيق مصالحة داخلية حقيقية تعيد للحزب بعضًا من بريقه المفقود؟