أطلق المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال (IRCPCS)، الذي يقع مقره في مدينة الداخلة، نداءً عاجلاً يوم الخميس في جنيف، داعياً إلى تعبئة عالمية لضمان العودة الآمنة والفورية للأطفال المجندين قسراً من قبل الجماعات المسلحة، بما في ذلك "البوليساريو".
جاء هذا النداء خلال مؤتمر بعنوان "أطفال شمال إفريقيا: الوصول إلى التعليم والحماية والتنمية"، الذي عقد على هامش الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تستمر حتى 4 أبريل المقبل.
وأعرب المركز عن أسفه إزاء "الاختطاف اليومي لآلاف الأطفال من عائلاتهم، واستغلالهم، وحرمانهم من طفولتهم"، مشيراً إلى حالات في دول مثل كولومبيا وهايتي والساحل وغرب إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى مخيمات تندوف في الجزائر، والفلبين وميانمار. واعتبر المركز أن هذه الظاهرة تمثل "جريمة ضد الإنسانية في تزايد مستمر".
وكشف المركز، الذي أجرى تحقيقات معمقة مع أطفال جنود سابقين في مناطق نزاع حول العالم، أن ما بين 250,000 إلى 500,000 طفل متورطون في النزاعات المسلحة على الصعيد الدولي، حيث يقدر أن حوالي 300,000 منهم قد شاركوا فعلياً في القتال، من بينهم أكثر من 120,000 في إفريقيا. وأوضح المركز أن هؤلاء الأطفال لا يتم إرسالهم فقط للقتال، بل يُستخدمون أيضاً في التجسس والاستغلال الجنسي، كحمالين ودروع بشرية.
وفي سياق الحديث عن الوضع في مخيمات تندوف في جنوب غرب الجزائر، أشار رئيس المركز، عبد القادر الفيلالي، إلى أن ميليشيات "البوليساريو" قد قامت بتجنيد الأطفال قسراً منذ عام 1982، حيث يخضعون لتلقين عسكري وأيديولوجي.
وفي إطار مطالب المركز، دعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأطفال المحتجزين لدى الجماعات المسلحة، واقترح إطلاق برامج طارئة لإعادة تأهيلهم مع توفير الدعم النفسي والطبي والاجتماعي. كما دعا إلى وضع خطة لإعادة توطين الأطفال تحت إشراف دولي لضمان عودتهم الآمنة، مشدداً على أن "عدم التحرك لم يعد خياراً".
كما أكدت المنظمة غير الحكومية رفضها لإفلات الجماعات المسلحة المسؤولة عن هذه الجرائم من العقاب، مشيرة إلى أن "تجنيد الأطفال جريمة حرب، لكن الجناة ما يزالون يفلتون من العقاب في كثير من الأحيان، وأحياناً يتم استقبالهم دولياً تحت غطاء المفاوضات".
ودعت المنظمة الحكومات والمنظمات الإنسانية والمجتمع المدني إلى توحيد الجهود لوضع حد لهذه الفظائع، مطالبة بمحاسبة المسؤولين، حيث خلصت إلى أن "منع تجنيد الأطفال: معركة لا يمكننا تحمل خسارتها".
وشهد المؤتمر مشاركة فعّالة من جمعويين من الأقاليم الجنوبية للمملكة، مثل ليمام بوسيف، رئيس الجمعية الجهوية لشباب جهة الداخلة وادي الذهب، ومصطفى ماء العينين، رئيس المركز المغربي-الإسباني-اللاتيني للأبحاث الاستراتيجية، حيث استعرضا التحديات والفرص لضمان حقوق الأطفال في المنطقة.
وأكد المتحدثان على أهمية تعزيز الإطار القانوني لحماية الأطفال، وضمان حقهم في تعليم ذي جودة وتنمية شاملة توفر بيئة آمنة لهم. كما شددا على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لضمان تكافؤ الفرص للأطفال في شمال إفريقيا.
في هذا السياق، أبرز المشاركان بعض التجارب الناجحة في المنطقة، مشيرين إلى أن الأقاليم الجنوبية المغربية تمثل نموذجاً رائداً في مجال حماية الأطفال وضمان حقوقهم في التنمية والتعليم.
شاهد أيضا