سلطت دراسة استطلاعية حديثة الضوء على ضعف تواصل مرشحي الأحزاب السياسية المغربية مع المواطنين خلال الحملات الانتخابية، سواء من خلال اللقاءات المباشرة أو عبر المكالمات الهاتفية والرسائل النصية. وأظهرت الدراسة، التي أعدتها الشبكة البحثية الإفريقية أفرو بارومتر، أن نسبة التواصل لم تتجاوز 18% على الصعيد الوطني، مع تسجيل تدنٍّ واضح في مختلف أشكال الاتصال بالناخبين، سواء بهدف التعبئة، الإقناع، أو الاستقطاب.
معدل متدنٍّ مقارنة ببلدان إفريقية أخرى
أشارت الدراسة، التي حملت عنوان "من يتم الاتصال بهم خلال الحملات الانتخابية في إفريقيا؟ وهل يهم ذلك؟", إلى أن 18% فقط من المغاربة الذين شملهم الاستطلاع أكدوا أنهم تلقوا اتصالات من ممثلي الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. بالمقارنة، بلغ متوسط نسبة التواصل في 33 دولة إفريقية مشمولة بالدراسة 24%، بينما صرح 35% من المشاركين في هذه الدول بحضورهم تجمعات انتخابية، في حين أن 16% فقط من المستطلعين أفادوا بأنهم خاضوا التجربتين معًا.
أنماط الاتصال وأهدافه
حاولت الدراسة فهم الغاية من تواصل الأحزاب مع المواطنين، وما إذا كان يستهدف التعبئة، الإقناع، أو استقطاب أنصار الأحزاب الأخرى. في المغرب، كشفت النتائج أن:
6% فقط من المستطلعين جرى الاتصال بهم بهدف التعبئة، أي أنهم أعضاء أو مناضلون في الحزب المتصل.
12% أُجري معهم اتصال بغرض الإقناع، أي أنهم لم يحددوا انتماءً حزبياً مسبقاً.
2% فقط تعرضوا لمحاولات الاستقطاب من قبل أحزاب تسعى لاستمالتهم بعيدًا عن الأحزاب التي ينتمون إليها.
أما على المستوى القاري، فقد بيّنت الدراسة أن 11% فقط من الأفارقة الذين تواصلت معهم الأحزاب يمكن تصنيفهم في خانة "التعبئة"، فيما سُجلت نسب متشابهة تقريبًا لمحاولات "الإقناع" (10%) و"التحويل" أو الاستقطاب (10%).
اتجاهات مختلفة بين الدول الإفريقية
بحسب التقرير، فقد سجلت أعلى نسب الاتصال بغرض التعبئة في دول مثل مالي، غينيا، ونيجيريا، فيما برزت محاولات الإقناع كأبرز وسائل التواصل الحزبي في دول مثل الرأس الأخضر وموريشيوس. أما محاولات الاستقطاب، فكانت أكثر شيوعًا في دول مثل بوتسوانا، زامبيا، السنغال، والنيجر.
ضعف تواصل الأحزاب: أزمة ثقة أم قصور في الاستراتيجيات؟
تكشف هذه المعطيات عن أزمة تواصل بين الأحزاب المغربية والناخبين، مما قد يؤثر سلبًا على نسب المشاركة في الانتخابات ويعكس خللًا في استراتيجيات الحملات الانتخابية. فبينما تشكل التعبئة والإقناع عنصرين أساسيين في العملية الديمقراطية، يبدو أن الأحزاب لم تتمكن بعد من تطوير آليات فعالة لتعزيز حضورها بين المواطنين وكسب ثقتهم.
هذا الواقع يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الأحزاب السياسية المغربية على التفاعل مع الناخبين بطرق أكثر فعالية، خاصة في ظل التحولات التي تشهدها العملية الانتخابية عالميًا، حيث باتت وسائل التواصل الحديثة تلعب دورًا محوريًا في الحملات الانتخابية.