شركات التنمية المحلية تحت المجهر: إخفاقات مالية وإصلاحات شاملة لتعزيز الحكامة
تواجه تجربة شركات التنمية المحلية، البالغ عددها أكثر من 42 شركة تابعة للجماعات الترابية، موجة من التدقيق والافتحاص لتحديد المخاطر التي تهددها بالإفلاس أو الحل، كما حدث في تجارب سابقة مثل "كازا تراث" بالدار البيضاء وشركة أخرى في الرباط. ووفقًا لتقرير نشرته جريدة "الصباح" في عددها الصادر يوم الجمعة 10 يناير 2025، تعاني العديد من هذه الشركات من تعثرات تشغيلية ومالية، حيث وصل عدد الشركات التي أُسست منذ 15 سنة إلى وضعية انسداد، أبرزها سبع شركات بجماعة الدار البيضاء وحدها، التي بات بعضها يشكل عبئًا على التنمية ومصدرًا لاستنزاف الميزانيات دون جدوى تذكر.
ملاحظات ثقيلة من قضاة الحسابات
بحسب الجريدة، فإن قضاة المجلس الجهوي للحسابات رصدوا في تقارير تفصيلية تجاوزات وملاحظات سلبية حول أداء بعض الشركات الكبرى مثل "البيضاء للتهيئة"، "البيضاء للتنشيط والتظاهرات"، "البيضاء للخدمات"، "البيضاء للبيئة"، و"البيضاء للتراث"، التي تم اتخاذ قرار بحلها. وأظهرت التقارير أن هذه الشركات لم تنجح في تحقيق الحد الأدنى من الأهداف المسطرة، بل أخفقت في تجاوز الإكراهات الزمنية والمجالية، وأصبحت عبئًا ماليًا على ميزانيات الجماعات الترابية، ما يعوق تحقيق استقلاليتها المالية.
ضعف الأداء وعوائق التنمية
أكد التقرير أن شركات التنمية المحلية، التي تُمول باتفاقيات وتعويضات ضخمة، لم تتمكن من تحقيق أهدافها على المديين المتوسط والبعيد. كما فشلت في تقليل اعتمادها على ميزانيات الجماعات الترابية والاتفاقيات المالية، التي غالبًا ما تتعرض للتعثر، مما يؤدي إلى توقف نشاط هذه الشركات أو إفلاسها.
إصلاحات قيد الدراسة لتحسين الأداء
أوضحت الجريدة أن السلطات العمومية، بالتنسيق مع الجماعات الترابية، تبحث عن حلول لتحسين أداء شركات التنمية المحلية والجهوية. ومن بين الخيارات المطروحة، إنشاء أقطاب كبرى متعددة الخدمات تُدار استراتيجيًا من قبل وكالة وطنية، بهدف تحسين الأداء المالي لهذه الشركات وضمان استدامة الاستثمارات وجودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين.
إدراج ضمن المقاولات العمومية وتقليص العدد
أشارت الجريدة إلى أن إدراج شركات التنمية المحلية ضمن المقاولات العمومية، التي تستفيد من مساهمات الدولة بنسبة تصل إلى 40%، قد يساهم في تقليص عددها وتجميع اختصاصاتها، مما يحسن الحكامة المالية ويخفف الضغط على ميزانيات الجماعات الترابية. وبالنسبة للدار البيضاء، تقترح الجريدة الاحتفاظ بشركتين فقط مع إعادة هيكلة الرأسمال وتنظيم المساهمات لتحقيق الأهداف في إطار اقتصادي واجتماعي صارم.
مقاربة جديدة لمواجهة التحديات
تعتبر هذه الإصلاحات جزءًا من التوجه نحو تحسين الحكامة وتكييف شركات التنمية المحلية مع تحديات الجهوية المتقدمة، وتنفيذ المشاريع الكبرى التي تدعم مخططات التعمير والتهيئة الترابية. كما تهدف إلى مواكبة التطورات التي يشهدها المغرب في مختلف القطاعات، بما فيها تنظيم التظاهرات القارية والدولية.
شركات التنمية المحلية، التي أُنشئت لدعم التنمية وتحقيق استقلال مالي للجماعات الترابية، تواجه تحديات عميقة تعيق أداءها. ويبدو أن الحلول المطروحة من قبل السلطات تسعى لإعادة هيكلة هذه الشركات لضمان فعاليتها، مع ضرورة تحسين حكامتها ومردوديتها لخدمة أهداف التنمية بشكل أكثر كفاءة.