المنسق الجهوي لوكالة التنمية الإجتماعية بالداخلة:" المجتمع المدني فاقد لثقة المُواطن"

لاتزال أنشطة المجتمع المدني، بالأقاليم الجنوبية، متعثرة مجتمعيا، إذ تدور في فلكٍ بعيدٍ عن التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وعيله كما يرى رواده؛ أن يعمل على معالجة التحديات المتعلقة بممارسته، لجذب ثقة المجتمع، ووضع أسس متينة لعمله، حول هذه الإشكالية، تجري صحيفة ”بلبريس“، هذا الحوار الشامل، مع أحد المسؤولين، على رأس إدارة أنيط لها دعم ومواكبة وتأطير المجتمع المدني بالداخلة، من أجل خلق تنمية حقيقية بالإقليم، وهو “سيد أحمد حرمة الله”، المنسق الجهوي لوكالة التنمية الإجتماعية بالداخلة، الذي أماط لنا النقاب عن عدة استراتيجيات وممارسات مختلفة للمؤسسة، والمسؤولية المجتمعية لها، كما استعرض لمحات من أدوار ومهام أطرها، كاشفاً النقاب عن عيوب وخلل المجتمع المدني، ما عليه من مسؤوليات وما يواجه من تحديات.

أولا مرحبا بك سيد أحمد حرمة الله، على جريدة”بلبريس“، واسمح لي أن أسألك عن وكالة التنمية الإجتماعية، وعملها في الداخلة ؟ وما هو الدور الذي تقوم به؟

الوكالة هي إدارة تم إنشاؤها سنة 2007، تحديداً في شهر غشت، انطلقت المنسقية في الداخلة بأطر أكفاء، في إطار توظيف القدرات المحلية من أبناء المنطقة.
وتتوفر منسقية الداخلة، على ثماني أُطر، بالإضافة إلى منسقها، ويشكل العنصر النسوي 20 بالمائة من الطاقم.

وقد انخرطت منذ إنشاءها في تفعيل الإتفاقية التي كانت مبرمة، بين ”وكالة التنمية الإجتماعية“، و”المبادرة الوطنية للتنمية البشرية“ على الصعيد الوطني؛ فِي تفعيل برامجها.

كذلك دعم الجماعات القروية، في إعداد المخططات الجماعية، تم توقيع إتفاقية كانت محورية، سنة 2008، بين وكالة التنمية الإجتماعية، ومجلس الجهة والمجلس الإقليمي لواد الذهب، لمدة سنتين، في إطار تفعيل برامج تكوين الفاعلين الجماعيين، وحساسيات المجتمع المدني المتعاملة مع المجالس المنتخبة، وإعداد المخطط الجماعي، لبلدية الداخلة.

ما نوعية المشروعات المجتمعية التي تنفذها وكالة التنمية؟

نفتخر أننا أول مؤسسة، ساهمت فِي تأطير وتكوين العنصر البشري، على صعيد الجماعات وجمعيات المجتمع المدني، وحتى الأُطر العاملة في المجالس المنتخبة، إستفادت منها أكثر من 70 جمعية، وأكثر من 50 إطار من مختلف المصالح.
قمنا بتنفيذ برنامج حول تفعيل قطاع الصيد البحري، والفلاحة، عبر تكوين جمعيات لولوج هذا الميدان.

ماهي الإكراهات التي واجهتكم؟

واجهنا في البداية نوعاً من عدم الثقة، وعزوف المواطن عن البرامج الإجتماعية، ولكن استطاعت التنسيقية في جهة الداخلة، من خلال أطرها الصحراوية، التواصل مع فئة الشباب والنساء، أن ترفع نسبة مؤشر المشاريع مقارنة مع سنة 2008 التي كانت ضعيفة، على مستوى إقليم الداخلة، وحتى إقليم أوسرد، والتي صارت الآن تناهز ال300 مشروع.

هل للوكالة شركاء في الداخلة؟

تتبلور الشركات التي لدى منسقية الوكالة بالداخلة، في ”الداخلة مبادرة“، التي على رأسها رجل أعمال من الجهة، والتي تتكون من رجال أعمال مستعدين لإعطاء تجاربهم للشباب، والدعم التقني والمالي تتكلف به وكالة التنمية الإجتماعية، التي تتوفر منذ إبرام الإتفاقية سنة 2015، على ثلاثة ملايين درهم، كدعم سنوي، من أجل خلق وإنشاء الشركات الصغرى والصغرى جداً، ودعمها دعماً مواكباً أو تكميلياً، في تعويضٍ عن عدم قدرتها اللجوء للأبناك، وتمثل جهة الداخلة شريكاً في هذا البرنامج، من خلال تطبيق برامج الجهوية الموسعة، ضمن مخطط الداخلة 2021؛ الذي يرنوا إلى خلق 350 مقاولة عبر برنامج حكومي ذو تجربة، وتدعمه ب22،5 مليون درهم.

تهدف وكالتكم إلى تقليص الفقر وإنعاش التنمية الإجتماعية وتقليص العجز الإجتماعي، هذا ما تصرح به البوابة الإلكترونية الخاصة بالوكالة، فأين أثر هذا في الداخلة، التي تقول الإحصائيات الرسمية أنها تضم نسبة 3،8 بالمائة فقراء، من إجمالي السكان حسب إحصاء سنة 2014؟

ليست هناك دراسة مباشرة، هل نقصت النسبة أم ارتفعت، ولكن عدد الطلبات يشهد تزايداً، وكذلك عدد المشاريع، كما تصاعدت نسبة المشاريع المقبولة، لتعاونيات وجمعيات بالداخلة، أطرتها الوكالة، وهذا يعني نقص في نسبة الفقر.
ومعرفة النسبة الحقيقية، عمل منوط بمكاتب مندوبية الإحصاء لأننا لنا منوطين بذلك، لكننا نرى تزايد في طلبات المشاريع.

ما هو دور المجتمع المدني في التنمية بصفته أحد أضلاعها ؟

دور المجتمع المدني، نقل الإشكاليات التي يعرفها المجتمع، واحتياجاته وهنا في الداخلة ما يقارب 600 جمعية مرخص لها، لكنها ليست فاعلة كلها.

ما هي التحديات التي تواجه المجتمع المدني في إقليم الداخلة ؟

الإشكال الذي يعيشه المجتمع المدني، هو أنه فاقد لثقة المواطن، لأن المنطلق الذي ينطلقون منه في إنشاء الجمعيات، لا يكون من الإطار الصحيح.
كذلك يعاني المجتمع المدني من قلة التمويل، الذي لا توفره سوى البرامج الحكومية، عبر تنسيقية الوكالة، التعاون الوطني أو المجالس المنتخبة، وكذلك يعاني من خصاص في التكوين.

ناهيك أن ندرة التخصص تشكل عائق لهذه الجمعيات، إذ لا يمكن أن تقوم جمعية ما بكل شيء، يجب أن تكون متخصصة في مجال معين، من أجل تحسين اشتغاله في ذلك المجال.

في نظرك، هل يحتاج المجتمع المدني، إلى إعادة تحديد الإستراتيجيّات والمفاهيم وتصحيح الصورة المشوهة ؟

أكيد، عبر تحسين طرق اشتغاله ضمن تخصصات محددة، وأهداف واضحة، لكي يظهر فعل في المجتمع كي يكسب الثقة، لا يمكن أن نرى جمعية تشتغل هنا وهناك في مجالات مختلفة، إلا وتأكد لنا أنها فاشلة.

هل مازال المجتمع المدني، بعيداً، بحيث لم يصل إلى تحديد دوره في التنمية ؟

ليس بعيداً، لا يمكن قول ذلك، بل هو حاضر ومبادر، ولكن ينقصه التكوين، الدعم والتأطير من جهة، ومن جهة أخرى يجب عليه تحديد مجال تدخله ونشاطه، كلما كثر من التخصص في مجال كلما ظهر تأثيره فِيه.

من يجب عليه أخذ زمام المبادرة لإعادة تحديد الأدوار وفق ما تراه، المجتمع المدني، أم المؤسسات الرسمية ؟

البادرة يجب أن تنطلق من المجتمع المدني، الذي يجب عليه أن يصنع لنفسه تكتلات، ويمضي في تشبيك من أجل تقوية قدراته عبر الإبداع، نحن عملنا هو هذا فعلاً لكنه غير كافي، ما لم يساعد المجتمع المدني فيه، لقد كونَّا قرابة 90 جمعية من إجمالي ال600، نحن من اختارها حسب تخصصاتها وقدراتها، في تكوين كان عبر 15 وحدة تكوينية، على طول سنتين، وكانت فيها رحلات لشمال المملكة للاستفادة من تجارب جمعيات في جهات أخرى، ولكن يجب عليه أن يبادر هو ويبتكر.

إذن، من خلال هذا، ما هي مطالب هذا المجتمع المدني هنا؟

ما أراه أنا، أولاً يجب على هذا المجتمع المدني في الداخلة، أن يترفع قليلاً عن شخصنة الأمور،
وواضح للجميع أن غالبية الجمعيات، تريد الفردانية، وترفض الاشتغال مع الأخريات، والإنفراد بالدعم لوحدها، والتجربة الناجحة في جمعيات الداخلة، هي الجمعيات المشتغلة في مجال الإعاقة، جمعيات متوحدة، لها إستراتيجية واضحة، وإشتغالهم واضح، وأراه جد منظم عكس المجالات الأخرى، يعمل على جلب شركاء من الخارج، وعلى تحسين مصداقيته مع المجتمع ومع المجالس المنتخبة.

هل تتفق مع إلزامية المسؤولية المجتمعية اتجاه أرباب الشركات والمستثمرين المستفيدين من ثروات المنطقة، أم أنها مسؤولية تبقى على عاتق الدولة؟

يجب على القطاع الخاص أن يكون فاعلاً، في المشاريع الجهوية الإجتماعية، له مسؤولية وطنية وأخلاقية في ذلك، الدولة تستطيع فعل شيء، لكن ليس كل شيء، والداخلة لها قطاعات واعدة يجب أن يساهم فيها ويتم توجيهها، من القطاع الخاص، فالداخلة مبادرة التي انخرط فيها رجال أعمال، وحدها لا تكفي.

ما الإجراءات التي تتخذها الوكالة لتقييم الأثر التنموي في المجتمع؟

أُطر التنسيقية، يواكبون البرامج، ويقومون بالإفتحاص والتقييم، للنتائج والفئة المستفيدة، والمعاينة هل وصلت الجمعية للنتائج التي خططت لها فعلاً.

ما مدى أهمية توصيل أنشطة المسئولية المجتمعية التي تقدمها الوكالة للرأي العام؟

نحضر الحوارات التي نستدعى لها، في الإذاعة والراديو، وأي نشاط قامت به وكالة التنمية الإجتماعية يعرف مواكبة من المواقع الإلكترونية، والتلفزة الجهوية، وجوهر هذا هو المسئولية المجتمعية مرتبطة بمدى تفاعل المؤسسة مع المستفيدين، ووجود عنصر الشفافية، فهي عبارة عن فتح باب التدقيق العام، مما يدعم من صورة المؤسسة.

انتقد الملك محمد السادس في خطاب ألقاه في يوليوز، من العام المنصرم، الواقع الإجتماعي في المغرب، عندما قال إن المغرب يشهد ”مفارقات صارخة من الصعب فهمها“، وإن ”برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا، وتبقى دون طموحنا“. مضى أكثر من سنة على شهادة أعلى سلطة في البلاد، فهل ترى أنكم معنيون به، وهل تغير شيء من يومها؟

هذا يعني أن الميزانية التي خصصت للمجتمع لم تصله، أو وقع خلل ما في وصولها، ونحن كوكالة نشتغل بطريقة غير مباشرة في هذا المجال، نحن مراقبون في اللجان، وخطاب صاحب الجلالة، ينطلق من تقارير وصلته، تكشف الخلل.

نحن نعيش خصاصاً فعلاً، ونقول يجب علينا أن نزيد، وما جاء في الخطاب السامي لجلالته، يعني رؤساء المجالس المنتخبة مباشرة، المسؤولين عن القطاعات المجتمعية، ونحن صوتنا على أبناء الإقليم، وفق برامجهم الإنتخابية، والآن تسييرهم لم يعد مركزي، بل على صعيد الجهة، وسنرى حصيلتهم فِي 2021.

ماهي حصيلة العمل مع المجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة؟
أنجزنا منذ 2015، إلى يومنا هذا، ما يزيد عن 45، مشروع، ونأمل في الكثير، شريطة أن تحدد الجمعيات أهدافها، ومجالات اشتغالها.

ألا ترى أنه حان الوقت أن تتوجه الوكالة، لتبني استراتيجية دعم المشاريع الفردية، في ظل تنامي البطالة، وإرتفاع أصوات المعطلين؟

يقيناً، وهدف ”الداخلة مبادرة“، هو دعم المشاريع الفرديّة، والوكالة قدمت لها دعم مالي، بثلاثة ملايين درهم، وقد أنجزت إلى الآن 11 مشروع، ونرنوا أن تصل إلى 300 مقاولة صغيرة، في أفق 2021، لأننا نعلم أنه لا بد من التكثيف والتكثير في دعم المشاريع الفردية، لأن ملف التوظيف صعب، ويواجه إكراهات.

ماهي مخططاتكم المستقبلية، لتحسين الخدمات في هذا المرفق؟

لنا تطلعات كثيرة، والمواطن وضع فينا الثقة، والحمل كبير، لكننا نواجه نقصاً في الأُطر، ويجب أن يكون هذا، لتحسين جودة الإشتغال، ونتمنى من الإدارة الجديدة، المتمثّلة في السيد ”ياسين حمزة“، تحلحل مطالب التنسيقية بالداخلة، كي نمضي قدماً بتطلعات الناس.