أيام كارثية وعصيبة ينتظرها رموز الفساد وناهبي المال العام من مسؤولين ومنتخبين، الذين تاجروا في مآسي الشعب المغربي وراكموا ثروات مهمة بالملايير على حساب المواطن، ويبدو أن إرادة الدولة المغربية بتطهير منابع الفساد بدأت تبرز وتعلو فوق كل المصالح الذاتية الخبيثة وذلك بعد تقرير أسود أنجزته السيدة زينب العدوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات.
وفي مشهد سيريالي سيخلده المغرب، تلقى منتخبو الجماعات الترابية والغرف المهنية صفعة قوية، من المرأة القوية والحديدية زينب العدوي، التي هددتهم بالعزل من عضوية مجلس الجماعات الترابية أو الغرف المهنية، وذلك بمرسوم معلل لرئيس الحكومة، بعد أن كشفت بأن نسبة كبيرة من المسؤولين لا يصرحون بجميع ممتلكاتهم.
العدوي أكدت أيضا، خلال تقديمها تقرير سنة 2021 في جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، أن أي عضو من مجلس البرلمان لم يسوي وضعيته رغم توصله بالانذار، يتعرض لفقدان الصفة البرلمانية بقرار تتخذه المحكمة الدستورية، وعندما يتعلق الأمر بالإخلال بالتصريح بمناسبة انتهاء المهام تتم إحالة الملف على الجهة القضائية المختصة للبحث فيه.
كما حثت العدوي 13 حزبا بإرجاع ما مجموعه 7,43 ملايين درهم من مبالغ الدعم العمومي، منها 5,86 ملايين درهم تتعلق بدعم أربعة أحزاب في إطار مساهمة الدولة في تمويل الحملات الخاصة بانتخابات 15 شتنبر 2015 و2 أكتوبر 2015 و17 أكتوبر 2016 و8 شتنبر 2021، مؤكدة على “تحقيق المزيد من الشفافية في الحسابات المالية من خلال الحرص على تقديم الوثائق المكونة للحسابات السنوية داخل الآجال القانونية”.
التقرير الأسود والمصيري للعدوي فتح باب اللاعودة في سبيل تجفيف كل منابع الفساد التي تسكن مؤسسات الدولة والتي أصبحت ضحية تحت قبضة من لا تسكن قلوبهم الأمانة والوفاء بالتزامات الدولة، وعوض الوقوف سندا للمواطنين الذين نالوا ثقتهم عاكسوهم ونهبو أموالهم دون وجه حق.
الإختلالات المالية التي كشفت عنها العدوي، خالفت أيضا التوجه الملكي بمسار التنمية الاقتصادية والإجتماعية الذي طالما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس خلال خطاباته حينما قال "لقد بلغ نموذجنا التنموي مرحلة من النضج، تجعله مؤهلا للدخول النهائي والمستحق ضمن الدول الصاعدة. إلا أن السنوات القادمة ستكون حاسمة لتحصين المكاسب، وتقويم الاختلالات، وتحفيز النمو والاستثمار".