يرتقب الرأي العام مآل "زوبعتان كبيرتان" تفجرت إحداهما خارج أرض الوطن وبالضبط في مطار الدوحة بقطر واشتهرت بـ"فضيحة التذاكر" تورط فيها مسؤولين وبرلمانيين وأعضاء من الجامعة الملكية لكرة القدم، والثانية تفجرت داخل وزارة العدل وبطلها وزريها عبد اللطيف وهبي.
الفضيحتان هزتا الرأي العام لأيام وأشعلتا موجات غضب عارمة تجاه ما تم وصفه بـ "بشاعة الخروقات والفساد المستشري" الذي بات يعرفه كل من قطاع العدل والرياضة، ولأن فضيحة "تذاكر المونديال" و"امتحان أهلية المحاماة" كانتا مدويتين وأكبر من أن تطمس حقيقتهما، طالب المتتبعون والضحايا بفتح تحقيقات جدية حول الموضوع وتقديم المتورطين للعدالة.
وفي الوقت الذي أعلن فيه فوزي لقجع، رئيس جامعة الملكية لكرة القدم، عن فتح تحقيقات في موضوع "التذاكر وفضيحة بيعها" مشددا على متابعة المتورطين مهما كانت مناصبهم وعلت مراتبهم وتوعد بطرد من ثبت بقيامه بهذا "السلوك اللأخلاقي" من عالم كرة القدم، فضل وزير العدل عبد اللطيف وهبي لولا خرجاته الإعلامية التزام الصمت وتجاهل فضيحة امتحان أهلية المحاماة تاركا خلفه زوبعة من التساؤلات الباحثة عن صدى الجواب.
ولأن فضيحة امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة بلغت أصداءها أقصى الحدود وتداولتها مختلف وسائل الإعلام الدولية بكثير من الاندهاش والاستغراب، فإن عددا من الجمعيات والفعاليات المدنية والحقوقية والحزبية تدخلت في الموضوع وطالبت القضاء بضرورة التدخل العاجل والكشف عن أبطال الفضيحة وتقديمهم للقضاء، فضلا عن دخول مجلس النواب على الخط عبر سؤال آني موجه لوزير العدل عبد اللطيف وهبي،يطالب بضرورة إلغاء نتائج امتحانات أهلية المحاماة وترتيب الجزاءات ومحاسبة المتورطين.
وبعد مرور أيام على تصريح للناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، قال فيه، إن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، سيدلي بتوضيح في الساعات المقبلة حول جدل امتحان المحاماة، دون أن يصدر عن وهبي أي تصريح رسمي، مما أثار تساؤلات وسط الرأي العام، في وقت تناسلت أخبار غير رسمية عن احتمال طلب وهبي الإعفاء من منصبه الوزاري، بسبب الضجة التي أثارتها تصريحاته عن نجاح ابنه في امتحان المحاماة.
خرجات وهبي الإعلامية وتصريحاته في ثلاث مقابلات صحفية لم تساعده على إطفاء نار الغضب ولم يتمكن من خلال من شفاء غليل الأسئلة المطروحة من طرف الرأي العام والمشككين بنتائج الامتحان، بل تعرض لوابل من الانتقادات لسوء تدبيره للمرحلة الحساسة في مسيرته السياسية سواء داخل وزارة العدل أو داخل بيت الأصالة والمعاصرة.
وفي المقابل لم تلبث الجامعة الملكية المغربية أن استغلت فرصة أول اجتماع للمكتب المديري المنعقد يوم الثلاثاء 27 دجنبر 2022 بمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، للخروج عن صمتها والإعلان عن موقفها الصارم منها. حيث ندد رئيس الجامعة فوزي لقجع بالممارسات الدنيئة والتصرفات اللاإنسانية الصادرة عن بعض المحسوبين على أسرة كرة القدم ممن أسماهم بـ "البؤساء"، وكشف أيضا عن وجود تقارير مهمة بيد الجامعة من مختلف السلطات المكلفة بالبحث في هذه النازلة.
الرأي العام الوطني ينتظر بترقب نتائج التحقيقات التي وعد بها فوزي لقجع، حيث من المفترض أن تكون لجنة التحقيق الخاصة بتلاعبات مفترضة في تذاكر مونديال قطر، قد أنهت عملها لتحيل التقرير على رئيس الجامعة حول التحقيقات التي باشرها قضاة بلجان الجامعة، وشملت مسؤولين بالمكتب الجامعي لكرة القدم، فضلاً عن رؤساء فرق و أعضاء ببعثة المنتخب الوطني المغربي، وصحافيين.
كما ينتظر الرأي العام أيضا مآل فضيحة "امتحان أهمية المحاماة"، خاصة في ظل غياب تدخل حكومي في الأزمة، بالإضافة إلى تدخلات وهبي الغير مقنعة والصادمة والتي ساهمت بشكل كبير في تحويل حدث صغير، كان يمكن احتواؤه، إلى قضية كبرى، وهو الأمر الذي سيزيد الطين بلة وربما سيلحق كذلك أضرارا بالغة بالائتلاف الحكومي الحالي، حسب ما يراه المراقبون.