وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة الجزائرية، أين وجد في استقباله وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، للمشاركة في القمة العربية المقررة 1 و2 نونبر الجاري.
وأفصح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن جدول أعمال أنطونيو غوتيريش في القمة، إذ أكد أنه سيوجه كلمة لملوك ورؤساء ورؤساء الحكومات المشاركين بالقمة، فضلا عن عقد مباحثات ثنائية مع عدد منهم، لاسيما وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، والرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون.
ويأتي اللقاء المرتقب بين غوتيريش ولعمامرة، من جهة، وبين غوتيريش وتبون، من جهة أخرى، في ظرفية حساسة مرتبطة بنزاع الصحراء، ويتعلق الأمر باعتماد قرار مجلس الأمن حول الصحراء رقم 2654، وكذا الهواجس التي تعتري الأمين العام للأمم المتحدة إزاءه، ما يطرح عديد الاستفهامات حول فرضية مبادرته بأخذ زمام الأمور للبحث عن حضور فعلي في أزمة العلاقات بين المغرب والجزائر من بوابة الوساطة، سعيا لتنقية الأجواء من القطيعة على ضوء كوابيس نزاع الصحراء التي تلاحق أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا، على الغم من الرفض الجزائري المصرح به على لسان وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة.
ولا يُستبعد أن تحضر العلاقات المغربية الجزائرية على طاولة جدول أعمال لقاءات، أنطونيو غوتيريش، بكل من عبد المجيد تبون ورمطان لعمامرة، بإعتباره لقاءً رسميا غالبا ما تحمل أجندته القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها نزاع الصحراء الذي تلعب فيه الجزائر دورا أساسيا تؤكده تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الدولي.
ومن المرجح أن يطلب أنطونيو غوتيريش خلال لقاءاته بالمسؤولين الجزائريين، التهدئة وضرورة عودة المياه لمجاريها على المستوى السياسي بين الجزائر والمغرب، لاسيما وأن قطع العلاقات كان من جانب واحد، ويتعلق بالجانب الجزائري قد أثر بشكل سلبي على مسار نزاع الصحراء وقوض عمليته السياسية، وذلك في محاولة منه لتقريب وجهات النظر بين البلدين من أجل بناء جسور ثقة تعزز مساعيه في حلحلة النزاع، وتُيسر مهمة مبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا، الذي وجد نفسه محاطا بأسوار جعلت من مهمته في استئناف العملية السياسية مستحيلة.
ويرى غوتيريش في لقاءاته المرتقبة مع المسؤولين الجزائريين، فرصة لا تعوض لتنقية الأجواء بين المغرب والجزائر بشكل يخدم رؤيته لنزاع الصحراء، والتي أفصح عنها في تقريره رقم S/2022/733، عندما قال في النقطة رقم 30، “وقد جرت زيارات مبعوثي الشخصي على خلفية التوترات على الصعيد الإقليمي. وأكد لمحاوريه في المنطقة القلق العميق الذي لاحظه في صفوف أعضاء المجتمع الدولي إزاء حالة العلاقات بين الجزائر والمغرب وحث على وقف التصعيد. ولاحظ بارتياح التأكيدات التي تلقاها من محاوريه، ولا سيما في الجزائر العاصمة والرباط، بعدم وجود نية لتصعيد عسكري”.
وأشار المسؤول الأممي في النقطة 92 من تقريره، “ويؤسفني أن ألاحظ أن أجواء انعدام الثقة لا تزال تلقي بظلالها على المنطقة. وفي الإقليم تشكل الإجراءات التأكيدية الانفرادية والإيماءات الرمزية مصدرا للتوتر الدائم، وتؤثر تأثيرا سلبيا على الوضع. وأشجع الطرفين على التركيز على المصالح القوية المشتركة بينهما وأحثهما على الامتناع عن زيادة تصعيد الحالة من خلال التصريحات والإجراءات.”، مضيفا قي النقطة 93 من ذات التقرير، “وإذ أؤكد مجددا على الدور الحاسم للدول المجاورة في التوصل إلى حل لمسألة الصحراء الغربية، أكرر الإعراب عن قلقي إزاء تدهور العلاقات بين المغرب والجزائر. وأشجع البلدين على إعادة فتح باب الحوار بينهما من أجل إصلاح علاقاتهما، وتجديد الجهود الرامية إلى التعاون الإقليمي، لأغراض منها تهيئة بيئة مواتية تفضي إلى السلام والأمن”.
وعلى الرغم من الرفض الجزائري المعبر عنه مسبقا من خلال تصريحات رمطان لعمامرة السابقة، إلا أن الموقف الجزائري إزاء العلاقات مع المغرب بات في طريقه إلى اللين، وهو ما تؤشر عليه تصريحات الأخير نفسه خلال الندوة الصحفية مساء الاثنين، عندما أفاد ردا على سؤال حول إلغاء مشاركة المغرب: “بناء على ما تم تبادله من رسائل ومذكرات كنا نعتقد أن جلالة الملك محمد السادس سيشارك في القمة، وأُبلغنا صبيحة اليوم بغيابه”،
وأضاف المسؤول الجزائري: “سيبقى للمؤرخين إصدار الحكم إن كانت هناك فرصة ضاعت للمغرب العربي والعمل العربي المشترك، وكذلك من يتحمل مسؤولية ضياعها”، مشيرا: “لا أتحدث عن أمور لم تتم، لكن كانت هناك فرصة لدفع العمل المغاربي وتنقية الأجواء، ولم يستفد من تلك الفرصة فعلاً (..) لا أقول إنها فرصة مؤكدة ولكنها كانت قائمة”،
وأوضح المصدر، أن “الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستقبل كل رؤساء الدول في المطار وكلّ رئيس دولة يصل له حديث معه. وكان من المتوقع أن يكون حديث من هذا النوع في المطار مع جلالة ملك المغرب، ويتقرر على انفراد آنذاك ما إذا كان يمكن القيام به، وهذا لم يتم، وهذا الكلام للتوضيح وليس لأي شيء آخر”.