شرفات افيلال:المغاربة صاروا أقرب إلى النزول تحت عتبة الفقر المائي-فيديو

قالت شرفات أفيلال الوزيرة السابقة المنتدبة المكلفة بالماء، إن عوامل متعددة مناخية وغير مناخية صارت تهدد بضياع الأمن المائي للمغرب، محذرة من أن المغاربة صاروا أقرب إلى النزول تحت عتبة الفقر المائي.

وحذرت أفيلال من أن هذا الوضع ينذر بخطر يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي، مذكرة بالتوترات التي عرفتها  مناطق زاكورة وجرادة ووجدة وغيرها بسبب قلة المياه، ومؤكدة أن السياق المائي الحالي يتطلب من صناع القرار النظر إلى هذه الحقائق بمنظار ومنطق جديد، وأخذ الأمر بكل ما يلزم من جدية وصرامة وحزم، كما أن معالجة هذه الأوضاع تستدعي أيضا الجرأة والوضوح واستعمال أقصى درجات الحكامة تقول أفيلال.

وخلال مشاركتها في ندوة حزبها التقدم والاشتراكية،بعنوان “الموارد المائية: أي حكامة لمواجهة الندرة والتغيرات المناخية”، سجلت أفيلال أن المغرب يوجد في منطقة صارت تصنف دوليا “بالبقعة الساخنة” وهي منطقة الفضاء المتوسطي، والتي تتسارع فيها الظواهر القصوى الناتجة عن التقلبات المناخية، لاسيما الارتفاع المهول لدرجات الحرارة والجفاف القاسي والممتد لسنوات، والفيضانات الطوفانية والحرائق وارتفاع مستوى البحار والمحيطات وغيرها.

وسجلت أفيلال أن المغرب صار يعاني بدوره من هذا الاختلال المناخي، الأمر الذي يتجلى في ضعف التساقطات المطرية ما يجعل من مجموعة من مناطق البلاد مناطق قاحلة أو شبه قاحلة وينعكس أساسا على قطاع الماء باعتباره الضحية الأولى ثم تعزيز التصحر وتهديد الأمن الغذائي، هذه العوامل المناخية، بحسب أفيلال صارت تتضافر مع أخرى تتمثل في النمو الديمغرافي والاستغلال الجائر للمياه الجوفية، بما فيها غير المتجددة ومع ضياع الماء بشكل مؤلم في أنماط السقي وشبكات التوزيع.


وأوضحت أفيلال أن حصة الفرد من المياه في المغرب أصبحت لا تتعدى 620 متر مكعب في السنة بعدما كانت أزيد من 2000 متر مكعب قبل ثلاثة عقود، وأضافت “نحن اليوم نقترب من عتبة الفقر المائي التي تناهز 500 متر مكعب في السنة”، محذرة من أنه في المستقبل سنصل إلى أقل من هذا العدد كمثل ما يحصل في الأردن وعدد من دول الشرق الأوسط.

وفي إشارة إلى السياسة المنتهجة في قطاع الفلاحة، أكدت أفيلال أن هذا الوضع يسائل الجدوى من اعتماد نمط نمو بطريقة لا تتحملها مواردنا المائية المتاحة، فضلا عن ضعف الحكامة في تدبير الموارد المائية في ظل سياق مناخي متقلب ونمو ديمغرافي مضطرب.

وأقرت أفيلال بأن السياسة المائية المعتمدة في المغرب منذ الاستقلال مكنت المغرب من اجتياز فترات جفاف قاسية واحدة في فترة الثمانينيات والتسعينيات بفضل السدود الكبرى للتزود بالماء الشروب وكذا الموجه للفلاحة، لكنها شددت على أنها وكأي سياسة عمومية قد بلغت مداها ووجب تحيينها. مسجلة وجود اختلال في التوازن بين العرض والطلب في مجال الماء بالمغرب وتأخر الاستثمار في المياه التقليدية.

وأشارت أفيلال إلى أن الوضع الحالي يفرض إعادة النظر في سياسة بناء السدود التي لها كلفة مالية باهضة تتجاوز قدرات الدولة، فضلا عن أن المواقع الجيولوجية التي تحتمل تشييد السدود صارت ضئيلة جدا.

وسجلت أفيلال أيضا ضعف أو غياب السياسات الموجهة للتحكم في الطلب على الماء، حيث أن الاستثمارات في هذا المجال تبقى قليلة جدا مقارنة مع الاستثمارات الموجهة للبنية التحتية.

وأشارت أفيلال إلى الهدر المائي الناتج عن عدم استغلال محطات المعالجة ومحدودية أنظمة الري في تدبير المساحات المسقية، حيث لا تتجاوز نسبة المردودية فيها 50 في المائة، وهو الرقم ذاته بالنسبة لشبكات التزود بالماء “التي أصبحت مثل الغربال” تقول أفيلال مشيرة إلى أن نحو نصفها يضيع هباء منثورا.

كما سجلت أفيلال وجود ضعف في تثمين المياه المعالجة بالمغرب رغم استثمار مبالغ هامة في إنشاء محطات المعالجة المتعلقة بالتطهير السائل، حيث أن جل المياه المعالجة يتم إلقاؤها في المجال الطبيعي بدل إعادة استخدامها.

وفي هذا السياق أشارت أفيلال إلى أن دولا بالمنطقة وصلت نسبا هامة في إعادة تدوير المياه تصل إلى 80 في المائة في تونس، وما يقارب 100 في المائة في الأردن في حين أن المغرب لم يتعد نسبة 10 في المائة.

الأخطر من ذلك تشير أفيلال إلى أن السياسات العمومية تقوم بتشجيع المساحات المسقية في بعض المناطق على حساب الماء الشروب.

ومن المشاكل الأخرى التي يعانيها تدبير قطاع الماء بحسب أفيلال عدم التوازي بين التخطيط القطاعي وتخطيط الاستثمار، حيث يتم في مرحلة برمجة المشاريع تهميش تلك الخاصة بهذا القطاع لصالح قطاعات أخرى تعطى لها الأولوية، الأمر الذي حذرت أفيلال من خطورته لأن قطاع الماء لا يحتمل أي تأخير.

فضلا عن ذلك وعلى المستوى المؤسساتي، أكدت أفيلال أن قطاع الماء يتم التعامل معه كطفل يتيم، ليتم في كل مرة إلحاقه بقطاع آخر، فمرة الطاقة والمعادن ومرة التجهيز، حيث لم يعرف استقرارا على مدى 20 عاما الماضية.

كما نبهت أفيلال إلى التهميش الذي طال وكالات الأحواض المائية رغم أن المغرب كان سباقا في إنشائها، حيث بقيت على المستوى المؤسساتي ضعيفة دون صلاحيات كبيرة ولا استقلالية مالية، معتبرة أن الأمر متعلق بغياب إرادة سياسية حقيقية لتعزيز دور هذه الوكالات.