بعد تصاعد العنف والاجرام في حياة الفرنسيين والاعتداء الجسدي على الممرضين والقوات العمومية والشرطيين وتصفيتهمً ، وقتل الزوحات Feminicide , وخروج السياسيين في حمأة الانتخابات الجهوية الى ساحة التطرف اللغوي من خلال نمودج Mélenchon و Eric zemmour و غيرهما واستهداف عمداء بعض المدن ، ها هو رئيس الجمهورية الفرنسية قي يتجرع من تفس الكأس ، حين كان في جولة انتخابية ، وتلقى بصفة مادية وليست مجازية ، صفعة موجعة على وجهه من طرف أحد الشباب اثناء مد يده للسلام عليه والذي صاح قائلا : تسقط الماكرونية!
ما المعنى الذي تحمله هذه الصفعة المفاجئة والخلاصات التي يمكن الوقوف عندها ؟؟
وما هي تداعياتها على سمعة الرئيس الذي يحلم بحصد أصوات الفرنسيين لضمان الاستمرار على كرسي الاليزي ؟
اولا / ان الحماية المقربة من الرئيس لم تستحضر المخاطر التي تحيط برمز الدولة الفرنسية في تجواله الانتخابي عبر المدن والقرى الفرنسية في اجواء احتقان تعم البلاد ، ولم يكن تدخلها المتأخر الا بعد ان حقق المعتدي اهدافه واهانة الرئيس والجمهورية وكافة الفرنسيين الذين انتخبوا ماكرون او لم ينتخبوه !!
ولعل هذه الهفوة في دائرة الامن الرئاسي لن تمر مرور الكرام، باعتبار ان بدل الصفعة كان من الممكن استعمال السلاح الناري او السلاح الابيض ..
وتبعا لذلك فانه من المتوقع ان تسقط بعض الرؤوس الامنية المسؤولة عن الخط الاول للحماية المقربة او غيرها من التشكيلات الشرطية ، دون ان نتجاهل ان كلمة الرئيس تبقى حاسمة في التخفيف من حدة الترتيبات الامنية او تشديدها ، خلافا لنموذج الحماية الامريكي الذي يجعل الكلمة الاولى و الاخيرة من اختصاص رجال أمن الرئيس !!.
ثم ان دور مجموعة الامن الاستباقية التي تنتقل قبل وصول الموكب الرئاسي الى موقع الزيارة لابد ان تشمله المساءلة الدقيقة خصوصا حول طبيعة التمشيط والفرز والملاحظة عند الوصول الى عين المكان !!
ثانيا / المعنى الذي تمرره هده الصفعة تحيل ضمنيا على تطبيع خطير مع العنف الذي يلتهم اليومي من حياة الفرنسيين .. تطبيع مع التطرف ومع اللاعقاب الذي اصبح ملمحا مركزيا في اسلوب تعاطي العدالة مع الجريمة والمجرمين واشكاليات الانحراف .
ويبدو ان انتقال الاعتداء الجسدي الى هرم السلطة الفرنسية ، لن يكون فعلا ثانويا عابرا في يوميات الرئيس ، اذ ان ما تبقى من جولاته سيكون له ما بعده ، وسيشهد تحولات واضحة على مستوى التنظيم الامني المرافق له ، اخذا بعين الاعتبار الاخطار الحقيقية التي كان ممكنا ان تكون كارثية بالنسبة للجمهورية الفرنسية ، مما سيظطر رئيس الدولة لاعادة قراءة منظومة امنه الخاص بالتانيً والجدية اللازمتين وبهامش مدورس من التحرر في الحركة امام الحشود
.
ثالثا / هي صفعة وجهت الى الديمقراطية الفرنسية كما اكد ذلك كثير من روؤساء الاحزاب السياسية وفعاليات الإعلام والمجتمع المدني الذين عبروا عن تضامنهم مع الرئيس و استنكارهم لهذا الفعل اللامقبول ، من ابرزهم ماري لوبين كزافيي برترون . في حين لم يتردد ميلونشون وهو يبدي مساندته لماكرون ، في ربط الاعتداء عليه ، بما اسماه بالاستهداف الشخصي له وتهديده بالقتل عبر شريط فيديو !!
والواقع ان الضربة التي لامست وجه الرئيس قد اصابت في الصميم قيم فرنسا ومبادئها التي تحث على التسامح والحربة ، و اصابت عقد التعايش الذي صار مهددا بالافلاس بعد ان تم كسر احد امنع طابوهات الجمهورية !!
فرغم ايقاف الجاني الذي يتوفر على سوابق جنائية وشخص اخر ، فان مناخ العنف المتسيد بقوة للمجتمع الفرنسي و مختلف تعابيره ، ينبغي ان تدرج انطلاقا من اليوم ، ضمن الاعتبارات الاساسية التي يجب ان يؤسس عليها أمن الرئيس وكبار رجالات الدولة الفرنسية !!
ثالثا / ان حجم الحادث سيشكل لا محالة واجهة غير مباشرة لتسنيد الرئيس في معاركه الانتخابية ، علما ان مشاعر الفرنسيين ستصب في اتجاه رفع شعبيته وفي التعاطف معه ، وهي ورقة قادتها الصدف اليوم امام حزب "الجمهورية تتحرك" لبلورة مواقف جديدة وسط الراي العام الفرنسي الذي لن يرضى في غالبيته " بتقليل " الاحترام الواجب لرئيس الدولة والى مؤسساته المنتخبة . وليس من المستبعد ان يتوجه ماكرون في الساعات القادمة بخطاب الى الشعب لقطع مسافة تفاعل ذات اهمية نحوه ،وقد يخرج ساعتها رابحا على مستويات متعددة و أكثر مناعة !!