تحليل إخباري| بعد نجاحه في إفريقيا.. المغرب يهدم قلاع البوليساريو في أمريكا اللاتينية

لا أحد يجادل في الوزن الدولي للمغرب؛ وانعكاس ذلك على المعركة الدبلوماسية التي يخوضها ضد جبهة البوليساريو الانفصالية حول العالم في ما يخص قضية الصحراء المغربية.
وفي أمريكا اللاتينية بات انتصار الذي حققته الرباط واضحًا للعيان؛ بدبلوماسية محترفة وحنكة في تطبيق فن الممكن.

نجاح ديبلوماسي باهر

في السنوات الخمس الماضية، انتقلت سفارات أمريكا اللاتينية في الرباط من خمسة إلى 12 تمثيلية، بينها دول مثل السلفادور أو بوليفيا، التي كانت تعترف بالجمهورية الوهمية التي أعلنتها البوليساريو على صحراء الحمادة الجزائرية.
وسحبت هذه الدول الاعتراف بجمهورية الوهم في العامين الماضيين، وانضمت إلى دول أخرى في أمريكا اللاتينية الدول، مثل كولومبيا وغواتيمالا، اللواتي سبق أن فعلتا ذلك من قبل.
وأما بالنسبة للتضاريس الطبيعية للصحراء المغربية، فقد عزز المغرب انتصاراته على الأرض؛ وذلك يتجلى في سيطرته بشكل كامل على منطقة الكركرات، بوابة المملكة الجنوبية الواقعة على الحدود مع موريتانيا.


وفي نفس الوقت وبخطى واثقة تعزز هيمنتها في القارة الأمريكية، إلى جانب إفريقيا وأوروبا، وهي أمور لابد منها في المواجهة بين الطرفين.
إلى جانب ذلك خسرت جبهة البوليساريو المعارك في الأمم المتحدة، بعد عقد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، مشاورات حول أداء بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو).
وتتجلى خسارة الانفصاليين في تعبير جبهة البوليساريو في بيان لها، عن استيائها من النتيجة “إن مجلس الأمن اختار التقاعس ولم يسفر عن أي نتائج جوهرية".
ويعتبر أكبر نجاح دبلوماسي حققته الرباط منذ اندلاع الصراع المفتعل عام 1975، هو الذي جاء في دجنبر الماضي على يد الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، الذي اعترفت إدارته بسيادة المغرب على الصحراء قبل ستة أسابيع فقط من ترك منصبه.


خليفته، جو بايدن، لم يحرك ساكنا حتى الآن ضد هذا القرار، كما لم لم تنضم إليه أي من دول الاتحاد الأوروبي، على الرغم من جهود المغرب في هذا الصدد.
وفي غضون ذلك، تواصل الدبلوماسية المغربية تشكيل شبكة من التأثيرات في أمريكا اللاتينية، بشكل بهار؛ وكل إيماءة، مهما كانت صغيرة؛ لها أهمية في هذا الصراع.
وعقد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته الكولومبية كلوديا بلوم اجتماعا افتراضيا يوم الثلاثاء الـ6 من أبريل الجاري؛ عبر فيه الدبلوماسيان عن رغبة الملك محمد السادس والرئيس الكولومبي إيفان دوكي في "إعادة التأكيد على العلاقات الثنائية".
ويعتبر هذا واحدًا من أكبر الانتصارات في الدول اللاتينية، والتي كانت معظم دولها مناصرة للبوليساريو في ضد المغرب.

تغيير الاتجاه

بدأت مواقف الدول اللاتينية تتغير مع وصول الملك محمد السادس إلى العرش في نهاية التسعينيات؛ ومنذ ذلك الحين، انتهجت الرباط سياسة نشطة وفعالة للغاية.

هذه السياسة تجلت في جلب دبلوماسيين يتحدثون الإسبانية جيدًا، ويعرفون المنطقة جيدًا؛ وكان واضحًا أن تمثيلهم الديبلوماسي كان بتفويض واضح من الرباط لتعزيز العلاقات مع جميع قطاعات المجتمع بالدول اللاتينية.
وعلى الرغم من أن العلاقات التجارية نادرة جدًا وغير منتظمة؛ إلا أن هذا لم يمنع دول أمريكا اللاتينية من الاستفادة من وجود تمثيل دبلوماسي مهم لهم في المغرب؛ يتمثل في 12 دولة من أمريكا اللاتينية لها سفارة في الرباط.

ويرى مراقبون أن النجاحات السياسية للمغرب؛ كانت نتيجة تعزيز علاقات المغرب الثنائية مع الدول اللاتينية، والحضور الدبلوماسي، والعلاقات الديبلوماسية والثقافية والتبادلات البشرية على كلا الجانبين.

وهذه السياسة لها نتائج بالأرقام، توثقها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وهي، 16 دولة لا تعترف بالكيان الوهمي، و14 دولة تدعم مشروع الحكم الذاتي المقدم من المغرب؛ على رأسهم غواتيمالا والسلفادور.

تاريخ طويل من المواجهات وسوء الفهم

كانت العلاقة بين بلدان أمريكا اللاتينية والمغرب متوترة، وهو ما استغلته البوليساريو آنذاك، ثم جاء دور المغرب، منذ التسعينيات فصاعدًا، إذ سحبت دول مثل كولومبيا وغواتيمالا وهندوراس وباراغواي والجمهورية الدومينيكية وهايتي وجامايكا اعترافها بجمهورية “لحمادة” وكان آخرها السلفادور (2019) وغيانا وبوليفيا (كلاهما في عام 2020).

جدير بالذكر أن المغرب أيضًا ينسج شبكة اقتصادية ودبلوماسية ناجحة في إفريقيا؛ وقرر في عام 2017 العودة إلى الاتحاد الافريقي.

وكان الحسن الثاني قد تخلى عنها في عام 1984، عندما كانت تسمى منظمة الوحدة الافريقية.
ومؤخرًا كرس المغرب دبلوماسيته لجذب قنصليات من دول حليفة في إفريقيا إلى الصحراء، وكذلك دولا عربية.

وبلغ عدد التمثيليات الدبلوماسية في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية 21 قنصلية، وتتواجد في مدينة العيون وحدها 11 بعثة دبلوماسية لكل من جزر القمر والغابون وإفريقيا الوسطى وساو تومي وبرينسيبي وكوت ديفوار وبوروندي وزامبيا وإسواتيني والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن.

وفي مدينة الداخلة، تبلع التمثيليات الديبلوماسية عشر قنصليات لكل من السنغال بوركينافاسو، وهايتي، والكونغو الديمقراطية، وغامبيا، وغينيا، وجيبوتي، وليبيريا، وغينيا الاستوائية، وغينيا بيساو.