إحداهن نقلت في نعش ..حوامل بين أنياب الخوف والإهمال

زادت معاناة النساء الحوامل والمرضعات المحتاج مواليدهن إلى التلقيح، منذ انتشار فيروس كورونا وتزامنا مع التدابير الاحترازية المتخذة في ظل التخوف من الوباء وانتقال العدوى والتعثر، الذي تعرفه مختلف المستشفيات العمومية، خاصة تلك الأقرب إليهن، سيما بالقرى النائية المحتاجة لجرعات “أنسولين” التجهيز بالموارد البشرية واللوجستيكية والاهتمام الرسمي.

تعثر مراقبة الحمل وتلقيح الرضع في مواقع وأقاليم مختلفة، يغضب الحوامل الخائفات على حياتهن وأجنتهن، سيما بالنسبة للولادات المستعصية، التي تفرض التنقل للمستشفيات الإقليمية والجهوية، ما ليس يسيرا في حالات كثيرة لصعوبة التنقل بين الأقاليم والحاجة لتراخيص بذلك قد تتأخر، ما يعرض حياة الحامل للخطر إن لصعوبة الوضع أو انتقال العدوى المحتمل.

هذه المعيقات انضافت للعوامل الطبيعية المألوفة بالقرى أمام غياب البنيات الطرقية الكفيلة بالتنقل السلس، سيما في الأيام الماطرة والخصاص الملحوظ في الأطر الطبية والتمريضية والتجهيزات اللازمة بأغلب المستوصفات والمراكز الصحية، التي يبقى بعضها فارغا إلا من أسوارها المتآكلة، ما يجعلها مجرد نقط عبور إلى المستشفيات الإقليمية الأكثر تجهيزا.

وتجد حوامل البادية صعوبات في مراقبة حملهن والوضع وتلقيح مواليدهن، كما في حالة عشرينية من دوار مزيارة بجماعة سيدي يحيى بني زروال بغفساي بتاونات، تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق لنقلها في حالة صحية حرجة في نعش الموتى عبر طريق متربة مثقلة بالوحل وفرملت الأمطار الأخيرة، أي إمكانية لعبورها الآمن.

زوج الحامل لم يجد غير النعش وسكان الدوار الذين خرقوا الطوارئ الصحية استثناء، لمساعدته في نقلها إلى أقرب مركز صحي، متناوبين على حمل نعش حياتها، على مسافة فاقت 4 كيلومترات، قبل أن تعود أدراجها بعد الوضع مشيا، رغم أنها في فترة نفاس، في مشهد يبكي ومألوف بالقرى ليس فقط في زمن كورونا، التي زادت من معاناة حواملها.

قد يبدو الأمر مستساغا بالبوادي الغارقة في مشاكلها وهشاشتها، لكنه مرفوض بالمدن سيما في هذه الفترة الدقيقة، كما وقع بمستوصف بن سودة بفاس، لما تجمع أكثر من 150 شخصا ذات صباح وفي ظروف غير صحية تشكل خطرا عليهم، في انتظار الطاقم الطبي والتمريضي، الذي تأخر كما وثق ذلك فيديو من 4 دقائق تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

أغلب المتجمهرين داخل وخارج المستوصف في انتظار “غودو” الخلاص، نساء حوامل أو مرضعات بعضهن على وشك الوضع وأخريات برضع في ظهورهن، لم يستسغن المجازفة بحياتهن في مكاتب فارغة إلا من حارس أمن خاص يرتبهن بأرقام تسهل استفادتهن من خدمات مستوصف الحومة، ووجد نفسه في مواجهة غضب موثق صوتا وصورة.

اختناق الفضاء بمن فيه والتدافع وغياب شروط الوقاية اللازمة، يزيد من خطر الإصابة في حالة وجود مصاب بينهن، ويضع سلامة الحوامل في المحك كما مسنين وأطفال شوهدوا في انتظار أدوية، خاصة أن المستوصف لا يضم إلا طبيبة واحدة مكلفة بمراقبة حمل النساء والتلقيح بعدد محدود من المستفيدات يوميا، طالما أن طاقتها لا تستحمل أكثر من ذلك.

مشاهد الحوامل الغاضبات بسبب ظروف استقبالهن بمثل هذه المستوصفات، مألوفة في نسبة مهمة من مستوصفات القرب بأحياء مختلفة من المراكز الحضرية بمعظم الأقاليم التسع بجهة فاس مكناس، وتثير تساؤلات حول درجة توفر شروط سلامة الحامل وجنينها والوقاية من فيروس فتاك، ما يفرض إجراءات علاجية ووقائية أكثر احترازا من المتوفر حاليا.