زوم على المونديال: مونديال المفاجأة ما بين أداء ونتائج الكبار

محمد الشنتوف*

مما لا شك فيه أن عدسات كاميرات القنوات الإعلامية الرياضية العالمية، وأقلام الصحفيين الرياضيين، ومعدات المشجعين في كل بقاع العالم، وصفحات الجرائد الورقية منها والالكترونية، وترددات القنوات في المقاهي الشعبية، لن تجدهم مشغلون في هذه الأيام بموضوع غير ما استجد وما سيستجد في مونديال روسيا 2018، خاصة وأننا نعيش أيامه الأخيرة.

 ولإرضاء عشاق المستديرة نقترح عليكم زوارنا الكرام فقرة ” زوم على المونديال” التي نقدم لكم فيها ما جد وما سيستجد بمونديال روسيا على “جريدة بلبريس الالكترونية”، من خلال البحث والتقصي وتقديم لب ما يدور في هذا العرس الكروي العالمي.

في هذا العدد اخترنا أن نتحدث عن ما سمي "بمونديال المفاجأة ما بين أداء ونتائج الكبار"، فخروج ألمانيا من الدور الأول، وسقوط الأرجنتين والبرتغال بنجميها الكبيرين كرستيانو رونالدو وميسي في الدور الثمن نهائي، وإقصاء إسبانيا على يد المنتخب الروسي الضعيف، ووداع البرازيل في الدور ربع نهائي أمام منتخب لم يفز سابقا بكأس العالم، وتقديم أداء سيئ من المنتخب الفرنسي رغم وصوله لنهائي المونديال وأشياء أخرى سنذكرها في هذا العدد، تؤكد فعلا أننا نعيش مونديال مختلف وعجيب، جاز له أن يكون "مونديال المفاجأة".

البداية مع رحلة المنتخب الألماني الذي تحدثنا عنه في عدد سابق، وأكدنا أنه يعيد التاريخ، ويكرر حكاية خروج حامل اللقب من الدور الأول، لكن المفاجأة في خروج ألمانيا لا تتمثل فقط في الخروج من الدور الأول، بل الأداء الباهت الذي ظهر به المنتخب الألماني مند أول مباراة في دوري المجموعات، ولم يتمكن من تحقيق الانتصار وبشق الأنفس سوى في مباراته الثانية أمام السويد، بهدف توني كروز في الثواني الأخيرة من المباراة، وبالتالي فإقصاء المنتخب الألماني كان مستحقا، وأداءه هو الذي يطرح أكثر من علامة استفهام على بطل العالم.

بداية الأرجنتين لم تكن موفقة كذلك، وكانت من أكبر المفاجئات التي ألقت بضلالها في المونديال، إذ اكتفى زملاء ميسي بالتعادل أمام المنتخب الاسلندي، وتجرعوا مرارة هزيمة ثقيلة أمام المنتخب الكرواتي بثلاثية نظيفة، وإلى حدود الدقيقة 84 كانوا خارج المونديال من الدور الأول أمام المنتخب النيجيري، وجاز لنا أن نؤكد بأن المفاجأة الكبرى تجلت في تأهلهم، لأنهم لم يستحقوا العبور، والدليل أنهم لم يقدموا مباراة كبيرة أمام المنتخب الفرنسي رغم تسجيل ثلاث أهداف مقابل أربع لصالح الديوك.

اسبانيا والبرتغال امتزجت المفاجأة معهما بالحظ من جهة وبالتحكيم من جهة أخرى في الدور الأول، فمباراة البرتغال أمام المغرب وإيران كان التحكيم عنوانها الأبرز، ومباراة اسبانيا أمام المغرب لم تختلف بالمرة عن ما سبق ذكره، لكن عصر فجر الحقيقة أشرقت شمسه في الدور الثمن نهائي على هذين المنتخبين، وأكد المنتخب الاسباني على ارتباكه الهجومي أمام المنتخب الروسي الذي اختار الركون إلى الوراء، وانتظار ركلات الترجيح التي أنصفته وأخرجت منتخبا يعج بالنجوم الكبار، أما البرتغال فأكد أن منتخب اللاعب الوحيد لا يمكن أن يذهب بعيدا، وتجرع مرارة الهزيمة والاقصاء أمام الأورغواي.

واختلف سيناريو خروج المنتخب البرازيلي عن ما سبق ذكره، فنجوم السانمبا وباستثناء المباراة الأولى التي تعادلوا فيها مع سويسرا تأكيدا لما سمي بالمفاجأة في هذا المونديال، تحسن أداءهم في باقي المباريات، وقدموا أداء رائع أمام منتخب كوستاريكا، لكن خروجهم أمام المنتخب البلجيكي لم يكن طبيعيا، لأن الحديث عن البرازيل يعني الحديث عن متصدر قائمة الفائزين باللقب العالمي، في حين لم يصل المنتخب البلجيكي إلى النهائي مند تأسيسه.

وبالحديث عن بلجيكا نصل إلى المباراة النصف نهائية الأولى، التي كان الشياطين الحمر أفضل على أرضية الميدان، لكن فرنسا عرفت كيف تدبر اللقاء على المستوى التكتيكي، ووصول فرنسا إلى النهائي نتحدث من خلاله حقا عن مفاجأة كبرى، لأن فرنسا لم تكن مرشحة خاصة بعد الأداء الباهت الذي قدمه الديوك في المباراة الأولى رغم فوزهم، والفوز الصغير على بيروا في المباراة الثانية، والتعادل أمام الدنمارك في المقابلة الثالثة من دوري المجموعات، وبالتالي جاز لنا أن نعتبر وصول فرنسا إلى النهائي مفاجأة غير متوقعه، في ظل ترشيح منتخب بلجيكا فوق العادة خاصة بعد إقصائه للمنتخب البرازيلي.

ومن المنتخبات التي خلقت المفاجأة في بداية المونديال، المنتخب المكسيكي الذي تمكن من هزم الماكينات الألمانية في أولى المباريات، وعن قارة إفريقيا المنتخب السينغالي الذي هزم بولندا، وتعادل مع اليابان، وخسر في آخر مباراة أمام كولومبيا، ليترك بطاقة التأهل للمنتخب الياباني رغم خسارته أمام بولندا، في حين كان أداء المنتخب المغربي علامة بارزة في هذا المونديال، حيث وصف خروجه بالغير العادل.

وشكل تأهل المنتخب الكرواتي للمباراة النهائية لأول مرة في تاريخ "الناريون" عنوانا بارزا للمفاجئة في هذا العرس الكروي العالمي، خاصة أنه جاء على حساب منتخب  انجليزي كبير كان يطمح للتأهل بعد غياب عن النهائي دام 52 سنة مند 1966. 

ولم يكن أشد المتفائلين بهذا المنتخب يعتقد أنه قادر على الوصول إلى محطة الحسم، رغم أن ملامح تميز هذا المنتخب ظهرت بعد هزيمة المنتخب الأرجنتيني في المباراة الثانية من دوري المجموعات، والطموح من دون شك أصبح كبيرا الآن، وهنا جاز لنا أن نتساءل: هل بإمكان كرواتيا أن تمنع الديك الفرنسي من الصياح في محطة الختام؟

وفي نفس الإطار، أكد هذا المونديال في مباريات كثيرة أن من يلعب كرة القدم بشكل جيد في الميدان يخسر في النتيجة، فالاستحواذ السلبي طغى على مباريات كثيرة من بينها مباراة المغرب والبرتغال في الدور الأول، ومباراة بلجيكا وفرنسا في نصف النهائي، ومباراة إسبانيا وروسيا في دور الثمن نهائي، بينما شكل عامل الحظ ولعنة الدقائق الأخيرة إلى جانب الخبرة والتحكيم أحيانا، نقطا فارقة في مسار بعض المنتخبات، وفي جميع أدوار ومحطات البطولة.

ولم تفاجئ المنتخبات العربية والافريقية عشاق المستديرة بخروجها الرباعي العربي والخماسي الافريقي من الدور الأول، وفي المقابل أكدت القارة الأوروبية سيطرتها وهيمنتها الكروية، وهذا هو موضوع أحد الأعداد القادمة من "زوم على المونديال"، على جريدتكم "بلبريس".

*صحفي متدرب