التعديل الحكومي...وهول أزمة التواصل المؤسساتي عند رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الاغلبية

يلاحظ المتتبع للتعديل الحكومي المرتقب الصمت الرهيب لرئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية الحكومية حول موضوع التعديل مقابل كثرة الاشاعات والتأويلات والتسريبات .

وقد فضح  التعديل الحكومي هول أزمة التواصل المؤسساتي  عند رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية الحكومية وكأن التعديل سرا من اسرار الامن القومي، الأمر الذي يؤكد عدم وعي نخبنا السياسية والتي تدبر الشأن العام بالمتغيرات المجتمعية التي يعرفها مغرب القرن 21 لكونها تعيش خارج زمن مجتمعات المعرفة والإعلام، اعتقادا منها أن عملية التواصل في اللحظات السياسية كالتعديل الحكومي لا أهمية لها.

وسياق هذا المقال هو صمت رئيس الحكومة وزعماء الأحزاب المشكلة للحكومة التواصل مع الرأي العام عن مآل التعديل الحكومي  وكأن المعلومة لم تصبح حقا دستوريا، أو كأن معلومة  التعديل جزء من الأمن القومي  في حين ان مسالة التعديل الحكومي  شأن عام عادي ، الأمر الذي أعاد علاقات التواصل المؤسساتي بالفاعلين السياسيين للواجهة.

لأن ضبط الجسر الرابط بين الفاعل السياسي والتواصل المؤسساتي حول المواضيع العامة من شأنه تحديد نوعية الثقافة السياسية السائدة ومستوى الفاعلين السياسيين ومستوى ثقافتهم التواصلية لكون التواصل  كينونة سياسية يحولها  الفاعل السياسي الى آليات لتنوير الرأي العام  وتأمينه من الاشاعات القاتلة.
ويشهد التاريخ  السياسي المغربي حول التعديلات الحكومية أن التواصل المؤسساتي  لم يصل إلى هذا الحد من السرية قط  مما جعل المواطن يتساءل: من المسؤول عن هذا الصمت ؟ ممن يتخوف رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية الحكومية ؟أين هو دور المستشارين في التواصل المؤسساتي برئاسة الحكومة وبالأحزاب السياسية؟ أين هي مكاتب الاستشارات في التواصل ؟هليحق لرئيس الحكومة وزعماء الأغلبية الحكومية أن يتعاملوا مع الرأي العام حول التعديل الحكومي  بهذه السرية  بعد دستور 2011؟ لماذا لم يكذب أو يزكي رئيس الحكومة  وزعماء أحزاب الأغلبية كل الاشاعات والتسريبات والاخبار المزيفة المتداولة  حول التعديل ؟ولماذل يتهرب رئيس الحكومة وفريقه من مواجهة الراي العام؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة لا أخفي سرا للاعتراف أنني أشعر بالصدمة من  تصرف رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية الحكومية اتجاه قضية التعديل الحكومي وسرية المفاوضات .

صمت رئيس الحكومة وزعماء الأحزاب السياسية  خرق دستوري:

يعتبر صمت رئيس الحكومة وزعماء الأحزاب الأغلبية اتجاه التعديل الحكومي  خرقا دستوريا  حيث ان الفصل 27 من الدستور قد نص بالحرف: ‘’للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات  الموجودة في دائرة الإدارة العمومية  والمؤسسات المنتخبة والهيآت المكلفة بالمرفق العام................... ‘’

النص الدستوري واضح في حق المواطن ان يعرف أي معلومة حول التعديل الحكومي  لكون رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية  الحكومية  مؤسسات منتخبة  ومسؤولة عن تدبير المرفق العام  وليس من حقها  ان تصمت او تخفي كل شيئ عن التعديل الحكومي المنتظر.

 صمت رئيس الحكومة وزعماء الأحزاب السياسية  خرق قانوني :

نص نفس الفصل السابق ذكره بان ‘’ لا يمكن ن تقييد الحق في المعلومة الا بمقتضى القانون ‘’  قانونيا  ليس هناك أي نص قانوني يمنع رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية الحكومية من التواصل مع الرأي العام حول التعديل الحكومي المرتقب لانه شان عام  ويرتبط  بهيات مكلفة بتدبير المرفق العام .

التعديل الحكومي شأن عام وليس من أمن الدولة أو من الدفاع الوطني:

حدد الفصل   27 من الدستور  المجالات التي  يجب حماية المعلومة فيها  : ‘’لا يمكن تقييد الحق في المعلومة لا بمقتضى القانون  بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني وحكاية امن الدولة الداخلي والخارجي  والحياة الخاصىة للأفراد ...’’ وعلى هذا الاساس فان مسالة المعلومة حول  التعديل الحكومي المرتقب لا تدخل في أي مجال من المجالات المحددة  دستوريا والتي يجب ان تحمى فيها المعلومة لكون التعديل لا يربط بأمن الدولة او بالامن الداخلي والخارجي للدولة او بالحياة الخاصة للأفراد، وعليه فصمت رئيس الحكومة وزعماء احزاب الاغلبية الحكومية  عن إعطاء أي معلومة للراي العام هو خرق دستوري وقانوني  لا يليق بالعهد الجديد وبدستور 2011 الذي دستر حق المواطن في الوصول الى المعلومة.

وهو ما يؤكد هول الأزمة التي تعاني منها السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية بالمغرب التي هي ازمة التواصل المؤسساتي، وهذا ما عشناه ونعيشه اليوم على اكبر من مستوى ومن مجال غياب تواصل هاته المؤسسات الدستورية حول قضايا تهم الرأي العام وترتبط بالمرفق العام كالتعديل الحكومي الذي جاء في خطاب ملكي  يولد الكثير من الخيبات والصدمات والنكسات لدى المواطن ويسيئ الى المؤسسات ذاتها. ويبرهن الغياب التواصل المؤسساتي عند هؤلاء المسؤولين على استهتارهم واستهزاءهم من المواطن ..
نقول هذا الكلام لاقتناعنا على أن عالم المؤسسات  في القرن 21هو التواصل، وعليه ففي الوقت الذي كان المواطن ينتظر فيه من رئيس الحكومة او زعماء أحزاب الأغلبية الحكومية  ان ينورا الراي العام  حول كل مجريات التعديل لحكومي  فضلوا الصمت والسرية  وكأن مسالة التعديل الحكومي قضية ترتبط بالامن القومي للمغرب في حين ان القضية  عادية  جدا وتهم المرفق العام ، مما يفهم منه تواصليا

إنها حكومة  الخوف  والصمت والهروب إلى الأمام ، ومن المؤسف ان رئيس الحكومة وزعماء أحزاب الأغلبية الحكومية  لم يستفيدوا من المؤسسة الملكية التي رسخت  للتواصل المؤسساتي من خلال اصدار بلاغات رسمية تهم المؤسسة الملكية وحتى  صحة الملك  ذاته  في حين اختار رئيس الحكومة العثماني وزعماء فريقه الحكومي الصمت والسرية  حتى اتجاء  أعضاء اجهزتهم  الحزبية المركزية  وكأنهم بصدد صناعة  قنبلة ذرية  أو  اتخاذ قرار اممي  خطير سيعير العالم  في حين ان المسالة تعلق بتعديل حكومي عادي  للمواطن الحق في الوصول الى المعلومة حوله ........انه قمة العبث ، وقمة الاستهتار بمقتضيات الدستور وقمة خرق قانون حق المواطن الوصول الى المعلومة  باختصار انها حكومة  الاتواصل .