خبيرة: نحتاج 10 سنوات لمعرفة حقيقة التوقعات النفطية في حوض إنزغان

في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن إكتشافات تطلقها الشركات الدولية المستثمرة في مجال التنقيب عن النفط بالمغرب، كشفت عفاف زريرق خبيرة إقتصادية في مجال الطاقة وعلم المناخ أن المغرب يحتاج لعشر سنوات لتأكيد حقيقة الإكتشافات بحوض إنزغان.

وقالت الخبيرة في حوار مع مركز السياسات من أجل الجنوب التابع للمكتب الشريف للفوسفاط، إنه في 13 أبريل 2022، قامت الشركة البريطانية أوروبا أويل آند غاز بنشر النتائج المرحلية لعملية التنقيب خلال الأشهر الستة التي سبقت 31 يناير 2022.

وقد ورد في هذا البيان: “لقد مكنت آخر عملية تقييم من الوقوف على وجود كمية مهمة من الموارد القابلة للإستخراج دون مخاطر، تتجاوز مليار برميل (من النفط)، في الحقول الخمسة المصنفة فقط”. أي ما يعادل 100 مليار دولار أمريكي من الثروات النفطية (تقديرات محسوبة على أساس سعر 100 دولار أمريكي للبرميل)، وهو ما يمثل تقريبا الناتج الداخلي الخام للمغرب والذي ناهز 119.7 مليار دولار أمريكي سنة 2019.

وأشارت الخبيرة في حوارها أن شركة أوروبا أويل آند غاز تمتلك حصة 75 في المائة من الرخصة الخاصة بحوض إنزغان، الواقع في الساحل المغربي، وأنها تشترك فيه مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بطبيعة الحال. وتغطي الرخصة مساحة 11228 كلم مربع في حوض أكادير، بعمق يتراوح بين 600 و2000 متر.

وقد إعتمدت خطة شركة أوروبا أويل آند غاز بالنسبة لحوض إنزغان على برنامج تنقيب منخفض الكلفة، وذلك عبر إعادة معالجة وتأويل بيانات زلزالية ثلاثية الأبعاد بإستخدام تكنولوجيا متطورة. وتسمح هذه المرحلة عموما بنمذجة الحوض، وذلك قبل تحليل المخاطر الجيولوجية والإقتصادية من أجل الإنتقال بهذه البنى ذات الأهمية المحتملة لوضعية “إمكانية الحفر” إذا كانت النتائج واعدة.

وقد مكن الإنتهاء من أعمال شركة أوروبا الفنية بالفعل من تحديد وجود كمية مهمة من الموارد دون مخاطر، أكثر من مليار برميل من النفط. وتجدر الإشارة كذلك إلى إمتلاك هذه الشركة لخبرة واسعة في مجال إستكشاف حقول مماثلة في ساحل إيرلندا، مما يجعل من مشروع إنزغان امتدادا فنيا واستراتيجيا لها.

بعد هذا الإكتشاف، ذكرت الشركة أنها تتفاوض مع شركاء خارجيين ممن يتوفرون على وسائل أهم من أجل الانتقال إلى مرحلة أعمال الحفر الإستكشافية، وذلك وفق نظام جاري به العمل في عالم النفط ويعرف بـ “farm out initiative”، على إعتبار أن كلفة أعمال الحفر الإستكشافية باهضة، وتناهز ملايين الدولارات في البر وعشرات الملايين في البحر.

إلى جانب ذلك، أوضحت الخبيرة الإقتصادية في حوارها أن أعمال الحفر الإستكشافية تسمح باستخراج حطام الصخور وعينات هيدروكاربورات من شأنها أن تؤكد إكتشاف مخزون نفطي من عدمه، كما ستوفر مؤشرات إضافية حول إمكانية الإستغلال. وخلال عملية الحفر، يتم تعميق دراسة المخزون عبر سلسلة من الإختبارات الخاصة بنفاذية الصخور والسوائل الجوفية وغيرها. لذلك يصعب تأكيد وجود تراكم هيدروكاربورات ما لم يتم القيام بأعمال الحفر. ولا يمكن في هذه المرحلة تأكيد سوى وجود بنى يحتمل أن تحتوي على مخزون.

وعن كم سينتظر المغرب لتصير توقعات الحوض حقيقة، فقد أوضحت المتحدثة أن التنقيب عن النفط عملية محفوفة بالمخاطر، وتحتاج إلى رساميل كبيرة ووقت طويل. حيث تتراوح مدة أعمال الحفر الاستكشافية ما بين سنتين و4 سنوات، ناهيك عن الوقت الضروري لإطلاق طلبات العروض والبث فيها. وقد تظهر بعد ذلك مشاكل ذات صلة بالمردودية وبحجم الحقل وشكله.

لذلك، تضيف الخبيرة في الطاقة، إنه يتم المرور في حالة إكتشاف محتمل إلى مرحلة أعمال الحفر الخاصة بتقييم المخزون والتطوير. ويتم حفر مزيد من الآبار حسب طبيعة الحقل وحجمه من أجل تحديد المخزون بدقة وتقييم كمية المخزون القابل للإستخراج، أي تحديد مردودية الحقل المحتملة. وتحتاج هذه المرحلة ما بين سنتين و5 سنوات. بينما تستغرق العمليات الضرورية قبل المرور إلى مرحلة الإستغلال ما بين 4 و9 سنوات. لذلك علينا الإنتظار إلى نهاية هذه العشرية على الأقل قبل أن تصير توقعات حوض إنزغان براميل من النفط.

وأضافت المتحدثة أنه لا يتعدى عدد الآبار المحفورة في أعماق البحر في الوقت الراهن 10 آبار، وتبقى على هذا النحو المناطق البحرية المغربية غير مستكشفة نسبيا. حيث تكون أعمال الحفر الإستكشافية في منطقة مماثلة محفوفة بالكثير من المخاطر، وهو ما يعرف في أوساط العاملين في قطاع النفط بـ “wildcat drilling”.

مع ذلك، أشارت الخبيرة الإقتصادية إلى أن الظرفية مواتية للتنقيب، حيث تكون الشهية مفتوحة للمخاطرة عندما يفوق سعر البرميل 100 دولار أمريكي للبرميل الواحد. كما أننا بصدد سياق يبذل فيه الاتحاد الأوروبي جهودا من أجل العثور على مصادر محروقات أحفورية بديلة، بالنظر إلى التصعيد الجيوسياسي الأخير، إذ يشجع كثيرا الشركات الأوروبية على المشاركة في طلبات العروض الدولية في هذا المجال.

من هذا المنظور، يسعى المغرب وشركاؤه إلى التمثيل الخرائطي الزلزالي لـ 1150 كلم و650 كلم مربع ثنائي وثلاثي الأبعاد وحفر 27 بئرا، بما في ذلك 4 آبار في البحر ما بين 2022 و2024.