الملك: إفريقيا في حاجة إلى صناعة إستثمارية ومشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب "ضخم"

أكد  الملك محمد السادس أن القارة الإفريقية في حاجة إلى صناعة إستثمارية إفريقية حقيقية قادرة على ضمان التعبئة الكافية والمستدامة لرؤوس الأموال وتحقيق الإندماج الفعلي في الأسواق المالية.

وإعتبر الملك أن مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا يعد "مشروعا ضخما" سيربط بين البلدين ويرمي إلى تعزيز السيادة الطاقية للقارة الأفريقية.

وأبرز الملك في رسالة وجهها اليوم الإثنين إلى المشاركين في مؤتمر إطلاق المنتدى الإفريقي للمستثمرين السياديين الذي ينعقد يومي 20 و21 يونيو بالرباط، أن الصناديق الإستثمارية السيادية والإستراتيجية تشكل أدوات فعالة لرصد الفرص، وتساهم في زيادة تدفق رؤوس الأموال نحو القطاعات المنتجة للقيمة الإقتصادية وذات الأثر الإجتماعي الكبير.

وقال الملك إنه "لا بد من الإقرار بأن فرص الولوج إلى رؤوس الأموال ما زالت دون المستوى المأمول، في ظل هيمنة تمويلات وكالات وبنوك التنمية، وذلك على الرغم من الجهود المبذولة في القارة الإفريقية على مستوى الإصلاحات المعتمدة في العديد من بلدانها"، مشيرا جلالته إلى أنه آن الأوان كي تقول إفريقيا كلمتها وتأخذ زمام مصيرها بيدها، وتتبوأ المكانة اللائقة بها.

وتحقيقا لهذه الغاية، دعا  الملك في هذه الرسالة، التي تلاها الوزير المنتدب لدى وزيرة الإقتصاد والمالية المكلف بالميزانية السيد فوزي لقجع، الصناديق الإستثمارية والسيادية، للتحلي بالحنكة والصبر اللذين يتطلبهما دورهم كحلقة وصل بين الأولويات الوطنية على المدى الطويل والمستثمرين الخواص، في إطار مقاربة تشاركية تروم تحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف الملك أن أهمية هذا المسعى تتعاظم حينما يتعلق الأمر بضمان ملاءمة إفريقيا مع النظام المالي الدولي الخاص، لاسيما عن طريق تقوية القدرات والكفاءات وتعميمها للإرتقاء بها إلى مستوى المواصفات والمعايير الدولية، بما يكرس مكانة إفريقيا كوجهة للمستثمرين والإستثمارات.

وبعدما ذكر الملك بدفاع المغرب عن مصالح القارة الافريقية وعمله من أجل إقلاعها الإقتصادي، أكد جلالة الملك أن "إفريقيا إختيار وجداني وعقلي في الآن نفسه. إنه إختيار واضح وإرادي يجسده التزامنا من خلال العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز ودعم التعاون والتنمية الإقتصادية في إفريقيا".

وشدد  الملك على أن الأمر يتعلق ب" اختيار أردنا من خلاله اليوم أن نجعل من الإستثمار محركا للتنمية الإقتصادية والإجتماعية والتكامل الإقليمي والقاري في إفريقيا"، مسلطا الضوء على المقاربات الشاملة والتشاركية التي إنخرط فيها المغرب من أجل رفع التحديات العديدة الراهنة والمستقبلية.

وذكر الملك في هذا السياق بمشاريع إنشاء وحدات إنتاج اللقاحات، وإقامة مصانع لإنتاج الأسمدة والمخصبات، والتي تهدف على التوالي إلى ضمان السيادة الصحية والغذائية للقارة. مشيرا جلالته إلى الجهود المبذولة من أجل تسريع وتيرة الإدماج المالي للقارة، والمشاريع الرامية إلى تعزيز السيادة الطاقية للقارة مثل المشروع الضخم لأنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب.

و"في ظل ما نواجهه اليوم من رهانات وتحديات جسام"، دعا الملك إلى بذل قصارى الجهود ل"تسريع التدابير الإستباقية والمنسقة في مجال الإستثمار، إستجابة للتطلعات المشروعة لشعوبنا على نحو مستدام".

وأعرب الملك عن تهانئه للصناديق السيادية والإستراتيجية الإفريقية الملتئمة، على هذه المبادرة التي "لا يمكن إلا أن تساهم في دعم التنمية وإنجاح المشاريع المهيكلة ذات الأثر الإيجابي الكبير على مساعي التكامل والإندماج في قارتنا"..

وإعتبر الملك أن" هذه المبادرة تشكل دليلا جديدا على عزم القوى الحية في إفريقيا على أن تتولى بنفسها أمر تقدم القارة وتنميتها. ذلك ما نعتبره تجسيدا لإفريقيا التي نتطلع إليها: إفريقيا المباد رة الج سور التي تتصدى للتحديات التي تعترضها وتحولها إلى فرص ثمينة".

وكان ن مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا ، والذي يحتاج إلى 25 مليار دولار لتنفيذه، قد مرّ بالعديد من مراحل الضغوط السياسية التي كانت تمارسها الجزائر لإفشال المشروع، قبل أن يصل إلى مرحلة الدراسات والتمويل وتنفيذ كل ما يتعلق بمساره الذي يتضمن المرور عبر 15 دولة إفريقية، لِيصل بعدها إلى المغرب ومن ثم إلى أوروبا.

ويُعد تأكيد الملك محمد السادس على أن مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي هو تعزيز للسيادة الطاقية للقارة الافريقية، بمثابة إقرار ببدء التنزيل الفعلي لهذا المشروع الذي واجهته الجزائر بالكثير من الضغوط السياسية والكواليس التي عملت عليها دبلوماسيتها لإفشاله، من بينها الزيارة التي يقوم بها، اليوم، الإثنين، وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب إلى نيجيريا لمحاولة لإحياء مشروع خط منافس الذي لم ير النور طيلة العقدين الماضيين.

وقالت وزارة الطاقة الجزائرية إن عرقاب سيكون في نيجيريا خلال الفترة ما بين 20 و22 يونيو الجاري حيث سيجتمع بنظرائه من هذا البلد من النيجر في العاصمة أبوجا، قصد استئناف المناقشات حول مشروع خط أنابيب الغاز المار عبر الصحراء TSG، مبرزة أن الهدف هم التباحث حول "التقدم المحرز في تنفيذ القرارات المتخذة في الاجتماع السابق والخطوات التالية المؤدية لتحقيق هذا المشروع"

وكان وزير النفط النيجيري قد أكد أن الرباط وأبوجا يعملان على تأمين التمويل لمشروع خط أنابيب يهدف إلى نقل الغاز النيجيري إلى المملكة المغربية، وبعدها إلى الأسواق الأوروبية.

وقال الوزير تيميبر سيلفا إن روسيا أبدت اهتمامها بالاستثمار في مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي المطروح منذ 2016.

مشيرا في لقاء مع الصحافيين حسب ما نقلته وكالة الأنباء البريطانية "رويترز" أنّ مستثمرين روس اجتمعوا به في مكتبه، وعبروا عن رغبتهم بشدة في الاستثمار في هذا المشروع، كما أن هناك العديد من الجهات الأخرى التي ترغب أيضًا في الاستثمار في مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري العابر لـ 11 دولة إفريقية".

وقال وزير الموارد البترولية النيجيري، إن خط الأنابيب سيكون امتدادًا لمنشأة تضخ الغاز من جنوب نيجيريا إلى بنين وتوغو وغانا منذ عام 2010. مضيفا: "نريد أن نوصل نفس خط الأنابيب هذا إلى المغرب".