خلصت دراسة صدرت حديثاعن "مركز السياسات للجنوب الجديد"، أن المغرب من بين الدول الإفريقية الأكثر تعرضا للازمة الاقتصادية المترتبة عن الحرب في أوكرانيا.
وأكدت الدراسة التي حملت عنوان "التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا على إفريقيا والمغرب" أن هذا الصراع يأتي في وقت تكافح في إفريقيا لوضع اقتصادها على سكة الإنتعاش، وسط ضغوط تضخمية عالمية وتقلبات الأسواق المالية والسلع.
في حين أن الدول المصدرة للطاقة ستكون قادرة على الاستفادة من الأزمة، فإن دولا أخرى مثل المغرب، سوف تتضرر بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، كما يوضح معدو الدراسة، فإن المغرب بلد ذو متوسط دخل منخفض، يستورد أكثر من 90 في المائة من احتياجاته الطاقية، وكذالك نصف احتياجاته من الحبوب.
و اعتبرت الدراسة أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا حدثا كبيرا، وربما كان أخطر حادث دموي منذ أزمة الصورايخ الكوبية، بالتالي يصعب التنبؤ يتأثيره، خاصة وانه يأتي في وقت لا يزال فيه الاقتصاد العالمي يصارع الوباء ويعاني من ضغوط تضخمية، التي من المرجح أن تتفاقم، خاصة إذا طال أمد الصراع.
كما لاحظ الباحثون أن الأفاق الاقتصادية لإفريقيا لم تكن مواتية قبل الأزمة بوقت طويل، ونتيجة لذلك فإن آثار الحرب ستكون سلبية للغاية على مستوردي الطاقة الأفارقة، الذين يميلون أيضا إلى أن يكونوا مستوردين للغذاء.
وتوقعت الدراسة أن يعاني المغرب، الذي يعتبر من بين أكبر اقتصاديات إفريقيا، من صدمات سلبية نتيجة الحرب، حيث شكلت وارداته من النفط والغاز والفحم 6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019، أي ما يقارب ضعف مثيلتها في مصر وجنوب إفريقيا، وهما أيضا مصدران رئيسيان للطاقة.
وأشار الباحثون إلى أن تكلفة استيراد الحبوب في المغرب بلغت 1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019، ونظرا لضعف الحصاد المتوقع عام 2022، يمكن أن تكون الواردات أعلى بمرتين، أي أعلى بثلاثة أضعاف من مثيلتها في عام 2021، وهذا يعني أن التأثير المشترك لزيادة أسعار النفط والحبوب، اذا استمرت، قد تكلف المغرب ما بين 1 و 2 في المائة من الدخل الوطني هذا العام.
داخليا، قد يودي ارتفاع أسعار النفط والغذاء إلى تفاقم عجز الميزانية المرتفع أصلا، والمقدر بنحو 6.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تؤكد الدراسة أن ارتفاع الأسعار سوف يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية، كما هو الحال بالنسبة للبنزين وأنواع الوقود الأخرى التي تم تحرير أسعارها. ويبدو أن التضخم سيكون أعلى من ذلك، مع قيام النقابات بالضغط على الحكومة للرفع من الأجور من أجل تعويض ارتفاع الأسعار.
إن معظم مستوردي الطاقة الأفارقة هم اقتصادات فقيرة وقليلة التصنيع، وتمتلك قطاعات زراعية، وبالتالي لا تعتمد نسبيا على ورادات الطاقة والحبوب كما يعتمد عليها المغرب، لكن لديها حيز مالي أضيق لمواجهة الأزمة، علاوة على ذلك فإن نسبة أكبر من سكانها قريبة من خطوط الفقر وأكثر عرضة لصدمات أسعار الغذاء، ليس كما هو الحال عليه في المغرب.
تجدر الإشارة إلى مدى ومدة العقوبات المفروضة على روسيا وتداعياتها، التي يمكن أن تمنح فرصا جديدة للصادرات الإفريقية إلى أوروبا (أهم أسواقها) وروسيا.
على سبيل المثال، صادرات الأسمدة المغربية التي مثلت 4.5 في المائة من الناتج الإجمالي عام 2019، يمكن أن تنافس روسيا في الأسواق الأوربية، في حين أن الصادرات المغربية من الفواكه والخضروات والأسماك، التي تمثل 2.6 في المائة من الناتج المحلي، تنافس الصادرات الأوربية إلى روسيا.