بعد الجدل..وكالة الأدوية تكشف شروط الترخيص لاستيراد الأدوية

في خضم النقاش العمومي الذي أثير خلال الأيام الأخيرة حول مساطر استيراد الأدوية وتدبير صفقات التوريد، خرجت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية لتوضح، بالمعطيات والمساطر القانونية، كيف تمنح التراخيص الاستثنائية للاستيراد، ولماذا يتم اللجوء إليها، وفي أي حالات تحديدا.

ومع إحداث الوكالة بموجب القانون 10-22، باتت هذه المؤسسة محور ضبط السوق وتتبع الجودة وضمان الاستمرارية العلاجية، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالأدوية الحيوية.

ووفق المعطيات المقدمة من الوكالة، خلال لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب،  فالترخيص الاستثنائي للاستيراد ليس قرارا إداريا مبسطا، بل مسطرة دقيقة تحكمها اعتبارات قانونية وعلمية وعلاجية.

ويمنح هذا الترخيص فقط عندما يكون الدواء الموصوف غير متوفر في السوق الوطني، أو حين تواجه المؤسسات الصحية حالات استعجالية تهدد حياة المرضى، أو في سياق صفقات عمومية تتعلق بأدوية غير مسجلة أو تعرف انقطاعا، أو عند غياب أي بديل علاجي.

ولا تفتح المسطرة إلا بعد إيداع ملف كامل يشمل الوصفة الطبية والوثائق التقنية الدولية ونسخة من الإذن بالعرض في السوق في بلد المنشأ، إلى جانب التزام بإيداع ملف التسجيل لاحقا إذا كان الدواء غير مسجل في المغرب.

وبعد ذلك، تخضع الملفات لتقييم تنظيمي للتأكد من سلامة الوثائق والكمية المطلوبة، ثم تقييم علمي وصيدلاني للتحقق من الحاجة العلاجية وغياب البديل، قبل اتخاذ القرار النهائي الذي يحدد القبول أو الرفض، والكميات المسموح بها، وشروط الاستعمال، ومدة صلاحية الترخيص، وبحسب الوكالة، يظل هذا الترخيص مؤقتا وغير قابل للتجديد إلا في ظروف استثنائية واضحة.

وكانت القضية التي أعادت هذا النقاش إلى الواجهة مرتبطة بدواء كلورور البوتاسيوم KCL، وهو دواء حيوي في أقسام الإنعاش وطب القلب، إذ أوضحت الوكالة أن الإشكال لم يكن مرتبطا بالصفقات، وإنما بضغط على الإنتاج المحلي بعد توقف الوحدة الصناعية الخاصة بالأشكال الحقنية بسبب إعادة البناء، مع تأخر جاهزية تجهيزات أساسية رغم وجود مخزون احتياطي لأربعة أشهر.

ولتفادي أي انقطاع، واكبت الوكالة المصنع الوطني تقنيا، وفعلت الترخيص الاستثنائي للاستيراد بشكل محدود وموجه، وسرعت دراسة تحيين الإذن بالعرض في السوق، مع تنسيق مستمر مع مديرية التموين والمؤسسات الصحية لتوزيع الكميات وفق الأولويات السريرية.

وأدى ذلك لجعل هذه الإجراءات تسهم في ضمان الاستمرارية العلاجية وتفادي انقطاع دواء يستعمل في الحالات القلبية الحرجة، في انتظار عودة الإنتاج الوطني ابتداء من ماي 2025 بعد تأهيل الوحدة الصناعية.

وسجلت الوكالة إرتفاعا في عدد التراخيص الاستثنائية للاستيراد سنة 2024 نتيجة اضطرابات دولية في سوق الأدوية والمواد الأولية.

مبيان: يكشف تطور عدد التراخيص الاستثنائية للاستيراد

أما سنة 2025 فشهدت انخفاضا واضحا بفضل إجراءات تصحيحية، من بينها تشديد تتبع المخزون الوطني للأدوية، وإلزام المؤسسات باحترام المخزون الاحتياطي القانوني للأدوية الحيوية، وتسريع دراسة ملفات التسجيل للحد من اللجوء إلى الاستيراد، إضافة إلى اعتماد اليقظة السوقية للتدخل قبل الوصول إلى مرحلة الانقطاع.

ويشار إلى أن وزير الصحة أمين التهراوي، كان قد شدد يوم أمس خلال مداخلته أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، على أن صفقات شراء الأدوية تتم حصرا وفق مرسوم الصفقات العمومية، وتخضع لرقابة المصالح المختصة بوزارة الاقتصاد والمالية، موضحا أن صفقة تزويد السوق بالبوتاسيوم أُسندت لشركة وطنية منتجة عبر طلب عروض عادي، وليس لشركة حاصلة فقط على ترخيص مؤقت.

وفي المقابل، رأت الأغلبية البرلمانية أن إحداث الوكالة يمثل خطوة مهمة في تعزيز الأمن الدوائي، بينما دعت المعارضة إلى المزيد من التدقيق في صفقات الاقتناء والرفع من شفافية تدبيرها، مع التأكيد على ضرورة تقوية التصنيع المحلي كحل جوهري لمواجهة هشاشة التزود الخارجي.

وتكشف المعطيات التي قدمتها الوكالة أن الترخيص الاستثنائي للاستيراد لا يشكل قناة موازية للصفقات، بل أداة قانونية تُفعَّل في حالات محصورة لضمان الاستمرارية العلاجية، خصوصا في الأدوية الحيوية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *