أعادت قضية تفجّر الصراعات الرقمية بمدينة سلا أخيرًا الجدل حول ظاهرة الحسابات الوهمية، بعدما كشفت معطيات متداولة عن وجود شبكة غير رسمية تُستعمل في توجيه الحملات ضد شخصيات سياسية، في مشهد يعكس الوجه الخفي للحروب الرقمية داخل المشهد المحلي.
وحسب ما ورد في تدوينة للخبير في الأمن السيبراني حسن خرجوج، فإن القضية المعروضة حاليًا على أنظار النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بسلا، تهمّ شبكة رقمية كانت تشتغل بعقلية “البيع والشراء في السمعة”، حيث يتم توجيه المحتوى الموجه ضد الخصوم السياسيين عبر صفحات تدّعي الطابع الشعبي، لكنها في الواقع جزء من منظومة رقمية منظمة تعمل بمقابل مالي.
ويوضح خرجوج أن ما وقع في سلا ليس سوى نموذج مصغّر لظاهرة أكبر، تقوم على ما يمكن تسميته بـ “Disinformation as a Service”، أي “الخدمات الرقمية المأجورة في التضليل”، حيث تُدار حملات التشهير وفق منطق تجاري، يشارك فيها مسيّرو صفحات، ومعلّقون، وممولون، ضمن دوائر مغلقة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويضيف الخبير أن هذا النوع من الشبكات لم يعد مجرد مبادرات فردية، بل أصبح يشتغل بخوارزميات محددة، عبر الإعلانات الممولة واستهداف جمهور محلي بعينه، في محاولة لتوجيه الرأي العام أو خلق صورة سلبية عن فاعلين سياسيين أو مدنيين.
القضية، كما يقول خرجوج، تكشف أن الفضاء الرقمي المغربي يعيش اليوم مرحلة حساسة، إذ تحوّلت المنصات الاجتماعية من فضاء للنقاش العام إلى ميدان لتصفية الحسابات، وصار بالإمكان “اغتيال” سمعة أي شخص رقميا، فقط لأن خصمه يملك صفحة أو ميزانية صغيرة للإعلانات.
ويرى أن الحل لا يكمن فقط في المتابعة القضائية، بل في تعزيز الثقافة الرقمية داخل الأحزاب والمؤسسات، وخلق آليات وطنية لمراقبة الإشهار السياسي الرقمي، بما يضمن الشفافية ويحدّ من فوضى “الذباب الإلكتروني” الذي صار يتحكم في النقاش العمومي