خرجوج: مشروع بنسعيد أقرب إلى إطار أخلاقي منه إلى نظام رقابة فعلي

أثار إعلان المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، عن توجه وزارته نحو إعداد مشروع قانون لتنظيم المجال الرقمي والمنصات الاجتماعية، نقاشا واسعا على منصات التواصل.

في تدوينة له على صفحته بالفايسبوك، طرح الخبير في الأمن السيبراني تساؤلا لافتا للوزير قائلا: “كي غادي تدير ليها؟”، في إشارة إلى صعوبة تنزيل هذا المشروع في ظل ما وصفه بـ “غياب البنية الرقمية والسيادة التقنية الكافية”.

وأوضح الخبير أن المغرب لا يتوفر حاليا على منظومات رقمية متقدمة تمكّنه من فرض رقابة أو تنظيم فعلي على المنصات العالمية الكبرى مثل يوتيوب، ميتا، تيك توك وغيرها، مضيفا أن هذه الشركات لا تخضع بسهولة لأي تشريعات محلية إلا في الأسواق الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي أو الهند.

وأشار خرجوج إلى أن كل البيانات والمحتويات الرقمية تمر عبر مراكز بيانات خارجية، ما يجعل أي رقابة تقنية أو قانونية داخلية محدودة جدا، موضحا أن حتى الدول المتقدمة التي تحاول ضبط المحتوى، مثل فرنسا أو كوريا الجنوبية، تعتمد على مؤسسات تحليل بيانات ضخمة وأنظمة مراقبة ذكية ومتطورة، بينما المغرب، بحسب قوله، ما زال يعتمد على التشريعات أكثر من الآليات التقنية الحديثة.

وفي البعد القانوني والسياسي، يرى المتحدث أن سن قانون وطني لا يكفي إن لم يكن مدعوما بقوة تنفيذية أو ببدائل محلية، مستشهدا بالنموذج الصيني الذي فرض تطبيقات وطنية مثل “WeChat” و“Weibo” بدل “Facebook” و“Twitter”، وهو ما منح بكين قدرة تفاوضية حقيقية أمام الشركات الأجنبية.

وذكر خرجوج أيضا بتجربة الولايات المتحدة، التي رغم قوتها الاقتصادية والتكنولوجية، لم تتمكن من فرض سيطرة كاملة على المحتوى الخطير أو حماية الأطفال، مستشهدا بقضية تغريم “يوتيوب” سنة 2019 بمبلغ 170 مليون دولار بسبب خرق قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA).

وفي ختام تحليله، اعتبر خرجوج أن مشروع القانون المغربي، في حال اعتماده، سيكون أقرب إلى إطار أخلاقي وتربوي” منه إلى نظام رقابة فعال، داعيا إلى التركيز على “بناء منظومة رقمية وطنية قادرة على حماية المستخدمين قبل التفكير في سنّ تشريعات غير قابلة للتطبيق الواقعي”.

وتأتي هاته التدوينة في سياق كشف وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، عن توجه وزارته لإعداد مشروع قانون يهدف إلى تنظيم المجال الرقمي والمنصات الاجتماعية، وذلك ردا على سؤال كتابي للفريق الحركي بمجلس النواب حول حماية الأطفال من المحتويات الرقمية الخطيرة.

وأوضح الوزير أن المشروع سيكون بمثابة مدونة للاتصال السمعي البصري، تهدف إلى مواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة وخلق توازن دقيق بين حرية التعبير وصون القيم المجتمعية والفئات الهشة، وخصوصا القاصرين.
وأشار بنسعيد إلى أن العقدين الأخيرين شهدا تحولات عميقة في منظومات الإعلام والتواصل الاجتماعي، نتيجة الانتشار الكبير للتطبيقات الرقمية، ما يستدعي وضع أطر قانونية تراعي التحديات الحديثة للفضاء الرقمي وتحمي المستخدمين دون المساس بحرية التعبير أو الابتكار الرقمي.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *