أغلبية حكومية على صفيح ساخن بسبب مطالب جيل “زد”

تستعد الأغلبية الحكومية لعقد اجتماع طارئ خلال الأيام المقبلة، في محاولة لإعادة ترتيب صفوفها، بعدما تصاعدت التوترات بين مكوناتها على خلفية التفاعل الباهت مع المطالب الاجتماعية المتزايدة التي يقودها شباب “جيل زد”. هذه الدينامية الشبابية التي تدعو إلى إصلاح عاجل وشامل في قطاعي التعليم والصحة، وتوفير فرص شغل حقيقية، وضعت الحكومة أمام امتحان غير مسبوق في التواصل السياسي والنجاعة التدبيرية، قبل أقل من سنة على موعد الانتخابات التشريعية.

مصادر مطلعة أكدت أن قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يترأس الحكومة، عبرت عن غضبها من حلفائها في الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، متهمة إياهم بالتخاذل في الدفاع عن حصيلة الحكومة، وغياب التنسيق في مواجهة موجة الانتقادات التي تطال الأداء الحكومي. ورغم خروج عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بتصريح يدافع فيه عن شرعية الحكومة انطلاقًا من الدستور، فإن بقية قادة الحزبين فضّلوا التواري عن المشهد أو تقديم مواقف محتشمة، وهو ما زاد من حدة التوتر داخل البيت الحكومي.

نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بدا متحفّظًا في ظهوره الإعلامي الأخير، حيث شدد على أنه يمثل الحزب وليس الحكومة، فيما اتخذت قيادات أخرى من الأصالة والمعاصرة موقفًا مماثلًا. هذه التصريحات زادت من تأجيج الجدل داخل الأغلبية، خصوصًا بعد محاولات من بعض أعضاء الاستقلال نفي وجود أي تصدعات، بالتأكيد على أن بركة دافع بهدوء عن أداء الحكومة في ملفات الصحة والتعليم، رغم أنها لا تدخل ضمن القطاعات التي يشرف عليها حزبه.

في المقابل، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً لافتًا من داخل الأغلبية نفسها، حيث خرج نائب برلماني استقلالي بتصريحات مثيرة يساند فيها حراك الشباب، معتبرًا أن من يرفض النقد الشعبي عليه أن يغادر موقع المسؤولية، موجّهًا انتقادات لأعضاء في الحكومة يروّجون لأنشطتهم عبر الإنترنت، دون التفاعل مع تساؤلات المواطنين أو الصحفيين، ودون ممارسة الشفافية في علاقاتهم بالمؤسسات التشريعية، وهو ما اعتبره دافعًا أساسياً لتنامي الاحتقان في الفضاء العام.

على مستوى البرامج الحكومية، تسود حالة من التباين الحاد حول كيفية تنزيل خطة التشغيل، التي رُصدت لها ميزانية تبلغ 15 مليار درهم وتمتد إلى حدود سنة 2030. مصادر “الصباح” كشفت أن الخلافات تتركز حول توزيع فرص الشغل المرتقبة بين القطاعات الحكومية المختلفة، وسط تشدد من كل حزب في الحفاظ على نصيبه السياسي والانتخابي من مناصب الشغل، تفاديًا لتحمُّل كلفة سياسية في الجهات والأقاليم التي يمثلها.

وتعمّقت الهوة أكثر بين مكونات الأغلبية بشأن تسريع وتيرة إصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية، حيث لا يزال إصدار النصوص التنظيمية المؤطرة لهذه الإصلاحات يواجه بطءًا كبيرًا، ما ينعكس سلبًا على صورة الحكومة في نظر الرأي العام، ويزيد من تأجيج الاحتجاجات الشبابية المطالبة بتغييرات ملموسة.

ويأتي هذا الصراع الداخلي ليؤكد أن الأغلبية الحكومية تواجه تحديات متراكمة، ليس فقط من المعارضة أو الشارع، بل من داخلها، حيث تطفو إلى السطح خلافات في الرؤية والتدبير والتواصل، ما قد يهدد وحدة الصف الحكومي في مرحلة حساسة يسبق فيها نبض الشارع موعد الاقتراع.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *