تتجه الأنظار اليوم الاحد 14 شتنبر الجاري، صوب اجتماع اللجنة الإدارية لنقابة التعليم العالي لاتخاذ قرار يتأرجح بين الاتفاق إما حول خيار التفارض مع الوزارة، أو خيار الدعوة للتصعيد ومقاطعة الدخول الجامعي، خصوصا بعد اجتماعات ماراطونية صعبة وشاقة قادها الكاتب الوطني لنقابة للتعليم العالي من أجل إيجاد موقف توافقي بين مكونات المكتب الوطني التي يهيمن عليه جناح التصعيد والمتشبث بالدعوة للاضراب، وبين جناح معتدل يدعو للتريث وفتح حوار مع الوزير الذي عبر أكثر من مرة أن مكتبه مفتوحا أمام كل أعضاء المكتب الوطني لنقابة التعليم العالي.
اجتماع اللجنة الإدارية اليوم يتم في سياق وطني يتسم بضغط اجتماعي متزايد، وبتحديات إصلاحية تمس منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وبنقاشات حادة حول مستقبل الملف المطلبي للأساتذة الباحثين والقوانين والقرارات المتخذة مؤخرا.
ويأتي اجتماع اللجنة الإدارية اليوم بدعوة من المكتب الوطني لنقابة التعليم العالي في ظل خلافات جوهرية بين المكتب الوطني والوزارة الوصية، بعد ظهور “بوادر توتر جديد” تلوح في أفق قطاع التعليم العالي مع بداية الموسم الجامعي، بسبب ما اعتبره بلاغ المكتب الوطني للنقابة التعليم العالي “ضبابية الإصلاح الحكومي” في غياب إشراك فعلي للأساتذة والطلبة وباقي الفاعلين المعنيين، وإقدام الحكومة على خطوات جديدة تعكس “منظورا خاصا وتجزيئيا لكل وزير، و“تغييب للمقاربة التشاركية”.والانفرادية في تنزيل دفاتر الضوابط البيداغوجية والهندسة البيداغوجية.
لكن أهم نقط الخلافان بين النقابة والوزارة هو مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، الذي صادق عليه مجلس الحكومة مؤخرا، وسط ردود فعل متعددة وانتقادات واسعة ووسط مخاوف من تصاعد الاحتقان في القطاع مع بداية الموسم الجامعي الجديد، وهو ما تضمنه بلاغ المكتب الوطني للتعليم العالي الأخير الذي أعلن فيه رفضه القاطع للمشروع، واعتبر ‘’تمريره “مقاربة إقصائية” وانفرادا من الوزير عز الدين ميداوي بمسار الإصلاح دون إشراك الأساتذة والنقابة، وهو ما يهدد استقلالية الجامعة العمومية وحقوق مكونيها”، منبها لـ”عدم التزام الوزير بالتعهدات السابقة المتعلقة بالدكتوراه الفرنسية والترقيات والأقدمية”، مؤكدا أن “المشروع يسعى إلى ضرب وحدة التعليم العالي وترجيح كفة الخوصصة على الجامعة العمومية”.
لأجل ذلك دعت “النقابة الأساتذة الباحثين إلى التريث في الانخراط في الإصلاح، وأعلنت عن برنامج نضالي لتصعيد الاحتجاجات، مع إبقاء اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التطورات، مؤكدة عزمها الدفاع عن الحقوق المكتسبة للجامعة العمومية بكل الوسائل المشروعة للبحث العلمي.
في المقابل، تبدي الوزارة استعداداً للحوار، والجلوس مع النقابة لايجاد حلول مشرفة للجميع تخدم الأستاذ الجامعي والطالب وتشرف الجامعة المغربية.
وحسب مصدر من اللجنة الإدارية لنقابة التعليم العالي فمخرجات اليوم تنحصر بين خيارين، ولكل خيار تكلفته: اما التصويت لخيار التفاوض مع الوزير بشروط، أو اختيار خيار التصعيد محاط مخاطر كثيرة ، مع الإشارة إلى أن ما سيعقد الأمور في اجتماع اليوم هو وجود تيارات معتدلة وأخرى راديكالية داخل اللجنة الإدارية وداخل المكتب الوطني لنقابة التعليم العالي.
وحسب المعطيات المتوافرة لبلبريس فإن “التيار المعتدل الذي يقوده الجناح التابع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يراهن علئ خيار التفاوض والاستمرار في الحوار مع الوزارة، رغم مخاطر هذا الخيار، لاقتناع هذا التيار بان التفاوض افضل الخيارات لكونه يفتح المجال لحلول توافقية تحفظ المكتسبات، وتجنب مزيد من التوتر داخل الجامعة. وهو التوجه الذي يراهن على التريث واعتماد الحكمة لعقلنة المطالب وإبراز قيم المواطنة و المسؤولية الوطنية للنخبة الجامعية في ظل سياق اجتماعي، اقتصادي مأزوم، وتراجع تأثير النقابة في الفضاءات الجامعية” .
وتفيد مصادر بلبريس أن “تيار التصعيد الدي تقوده بعض مكونات اللجنة الإدارية وتشكيلة المكتب الوطني لنقابة التعليم العالي تقوده أجنحة العدل والاحسان والنهج الديمقراطي وممثلي حزب التقدم والاشتراكية، وهذه المكونات تعتقد بأن الوقت لاتخاذ خطوات نضالية أكثر حزماً، بدءاً من الإضرابات الجزئية وصولاً إلى مقاطعة بعض الأنشطة الجامعية، وذلك للضغط على الحكومة وإجبارها على تقديم حلول ملموسة”.
وعليه ، وأمام تناقض مواقف التيارات داخل اللجنة الإدارية، صرحت مصادر خاصة لبلبريس أن “مخرجات اجتماع اللجنة الإدارية اليوم سيراهن على الاتفاق حول موقف توافقي نسبي، يقوم على منح فرصة محدودة للتفاوض مع الوزارة، مع التأكيد في المقابل على الاستعداد الكامل للتصعيد إذا استمر الوضع على ما هو عليه”، وهو قرار يراه متابعون أنه “حكيم يعكس حرص النقابة الوطنية للتعليم العالي الحفاظ على قنوات الحوار من جهة، وعلى صيانة وحدة صف الأساتذة الباحثين من جهة أخرى”.
ومن شأن هذا القرار التوافقي تؤكد مصادرنا أن يخلف تداعيات أهمها: نقابيا: سيشكل هذا الموقف اختباراً لقدرة النقابة، لمدئ قدرتها على موازنة معادلة صعبة تتمثل بين كيفية الضغط النضالي ونهج الواقعية السياسية. فيما تكمن تداعياته الجامعية في إدخال الأساتذة والطلبة في حالة ترقب ، ماما قد قد يؤثر على السير العادي للموسم الجامعي، خصوصاً إذا تم الاشارة إلى التصعيد’. علاوة على تداعياته السياسية، التي ستعكس مدى إرادة الدولة في الإصلاح الجامعي الاستراتيجي والإصلاح الجامعي التكتيكي”، ومدى اقتناعها بان الجامعات المغربية هي المؤسسات المؤهلة لصناعة مغرب اليوم ومغرب الغد.
لذى ، من المنتظر أن يكون قرار اجتماع اللجنة الإدارية اليوم معتدلا يجمع بين خيار التفاوض وخيار التصعيد، لان نقابة التعليم العالي مدركة للاوضاع العامة بالبلاد ، وبان خيار التصعيد ليس في صالح اي احد ، لذلك فانها مع قرار يجمع بين الواقعية السياسية والمبدئية المطلبية. وبانها ستمنح الحكومة فرصة أخرى للاستجابة للمطالب المشروعة المطروحة في ملفها المطلبي حفاظا علئ شرعيتها ومشروعيتها وعلى وحدتها في زمن البلقنة واستهداف الأستاذ والجامعة المغربين.
واكيد ان المكتب الوطني لنقابة التعليم العالي واع بمخاطر المجازفة بخط تصاعدي وبمخاطر الدعوة لاضراب وطني لاسباب ترتبط بعدم ضمان نجاحه، والوزير واع بانه امام اول دخول جامعي والاخير له ، لذلك – وحسب علمي- فهناك ارادة قوية عند النقابة الوطنية للتعليم العالي وعند الوزيز ميداوي لإيجاد مخرج مشرف للجميع الناجح فيه ليس النقابة ولا الوزير بل الجامعة المغربية والوطن.
واعتقد ان حكمة ونضج الوزير ميداوي والكانب العام للنقابة د. هبري ، والشعور بثقل المسؤولية سيشكلون عوامل ايجابية لحماية الدخول الجامعي الحالي من اي مخاطر محتملة،وايجاد توافقات مشرفة للجميع.