مع اقتراب موعد الدراسة الدورية لقضية الصحراء المغربية داخل مجلس الأمن الدولي، يتزايد النقاش حول طبيعة المرحلة المقبلة والخيارات المتاحة أمام المغرب، في هذا السياق، قدّم المحامي والخبير في القانون الدولي صبري الحو قراءة تحليلية في تدوينة على صفحته بـ”فيسبوك”، اعتبر فيها أن محطة أكتوبر المقبلة لن تكون حاسمة بالمعنى التقليدي، لكنها استثنائية ونوعية، وستؤسس لمرحلة جديدة في مسار النزاع.
وأوضح الخبير أن المعطيات الدولية المتسارعة، والدينامية الدبلوماسية المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي، وانخراط قوى كبرى من أصدقاء الصحراء ممن يمتلكون حق النقض داخل مجلس الأمن، كلها عوامل تجعل من هذا الموعد نقطة تحول، مؤكدا أن المغرب بات في موقع قوة، بعدما استنفدت بعثة المينورسو مهامها الرئيسية، ولم يعد لاستمرارها جدوى إلا إذا تم تعديل ولايتها أو استبدالها بإطار جديد يواكب تنفيذ مبادرة الحكم الذاتي.
كما شدد صبري الحو على أن السيناريوهات المستقبلية ليست أوتوماتيكية ولا حتمية، وإنما خاضعة لتعقيدات سياسية واجتماعية وإنسانية قد تؤجل التنفيذ دون أن تلغيه. ومع ذلك، فإن المغرب يمتلك خيارين أساسيين: الانتظار إلى حين صدور قرار أممي يمنحه شرعية دولية مساندة لحله، أو التدخل المباشر بضم المنطقة العازلة وإنهاء التدويل وإنهاء عمل المينورسو، بدعم من حلفائه الاستراتيجيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا.
وأضاف أن المغرب، رغم قوة موقعه، لن يتسرع في تبني خيار الحسم المنفرد، بل سينتظر ما ستسفر عنه مداولات مجلس الأمن، مبررات تصويت أعضائه الدائمين، وردود فعل المجتمع الدولي، إضافة إلى تقييم موقف الجزائر، الطرف الأساسي في النزاع، فإما أن تُظهر الأخيرة تجاوباً وتقبلاً لمسار الحكم الذاتي بعد تراجع دعمها الدولي، أو تواصل التعنت والمقاومة، وهو ما سيؤخذ بعين الاعتبار في القرار المغربي.
وبحسب الحو، فإن قرار مجلس الأمن المقبل سيكون نوعياً، إذ قد ينسخ أو يعدل أو يؤسس لخيارات جديدة، ليصبح بمثابة إنذار ومهلة للأطراف للدخول في مفاوضات حقيقية حول الحكم الذاتي والتوصل إلى اتفاق نهائي.
هذا الاتفاق، كما يتصوره، سيقوم على شقين: الأول غير قابل للتفاوض، ويتعلق بشرعية سيادة المغرب على كامل ترابه وصيغة الحكم الذاتي كإطار نهائي؛ والثاني قابل للتوافق، ويشمل توزيع السلطة بين الساكنة والوافدين من المخيمات، والعلاقة مع المركز، وتقاسم الثروات، إضافة إلى حقوق الجوار بالنسبة للجزائر وموريتانيا ضمن صيغة “لا غالب ولا مغلوب”.
واختتم الحو تدوينته بسؤال جوهري: هل سيبقى المغرب مرتبطاً بمسلسل أممي بطيء تتحكم فيه توازنات الأمانة العامة للأمم المتحدة، أم أنه سيتجه نحو صناعة الحل بإرادته؟ ليخلص إلى أن الوقت قد حان للتغيير، وأن نزاع الصحراء بلغ نهايته ولن يستمر رهينة للمماطلة إلى ما لا نهاية.