أثارت قضية الناشطة ابتسام لشكر، التي وُضعت تحت الحراسة النظرية بتهمة “المس بالدين الإسلامي” بسبب ارتدائها قميصًا يحمل عبارات اعتبرت مسيئة، جدلاً واسعاً انقسمت فيه الآراء بين الدفاع عن حرية التعبير والتحذير من المساس بالهوية الدينية للمجتمع. هذا الانقسام تجسد بوضوح في التصريحات المتباينة لكل من رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، سعاد البراهمة، والكاتب إدريس الكنبوري وهو انقسام سبقه سجال بين وزير العدل السابق مصطفى الرميد والنقيب عبد الرحيم الجامعي.
في تصريح لـ “بلبريس”، اعتبرت المحامية سعاد البراهمة أن ما قامت به لشكر يندرج ضمن إطار حرية التعبير التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية.
وشددت البراهمة على أن ديباجة الدستور تنص على سمو تلك المواثيق على القوانين الوطنية، معتبرةً أن الشكل التعبيري الذي لجأت إليه لشكر “لا يمس بالدين الإسلامي ولا يحرض على الكراهية”، بل يعكس تصورها الشخصي. وتساءلت عن وجود القصد الجنائي للإساءة، محذرة من أن تطبيق القانون الجنائي في هذه الحالة قد يشكل خرقًا للدستور والمواثيق الدولية.
في المقابل، قدم الكاتب إدريس الكنبوري في تدوينة له قراءة مغايرة تمامًا، حيث رأى أن البعض يريد تحويل قميص ابتسام لشكر إلى “قميص عثمان” جديد لتصفية الحسابات مع الهوية الإسلامية للدولة. واعتبر الكنبوري أن دفاع شخصيات مثل البراهمة عن لشكر يأتي في سياق ازدواجية المعايير؛ فهم يصفقون عندما تحارب الدولة التطرف الديني، لكنهم يسعون في المقابل إلى “تعبيد الطريق للتطرف اللاديني أو العلماني الإلحادي”.
وانتقد الكنبوري بشدة الاستناد إلى سمو المواثيق الدولية، معتبراً إياها “لعبة مكشوفة”.
وأوضح أن الدستور المغربي يشترط لسمو الاتفاقيات الدولية أن تكون “في نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة”، وهي الشروط التي يتجاهلها المدافعون عن لشكر، حسب قوله، عبر القفز إلى آخر الفقرة والتلاعب بالنص الدستوري.
وحذر الكنبوري من أن “التساهل مع التطرف اللاديني” يفقد الكثيرين الثقة في المؤسسات، ويشجع الشباب على تسفيه عمل المؤسسات الدينية التي يصبح خطابها مجرد “مجلة حائطية” أمام الخطاب اللاديني الذي ينتشر بقوة في الإعلام والثقافة، وله “حراس شداد غلاظ”، على حد تعبيره.
