رغم الزخم الاحتجاجي الذي ميز تحركات المتصرفين بالإدارات العمومية والمتصرفين المشتركين بين الوزارات خلال السنتين الماضيتين، إلا أن الحكومة لم تقدّم بعد أجوبة واضحة بشأن هذا الملف المطلبي الذي يمتد لأكثر من عقدين من الزمن.
وفي ظل غياب أي مؤشرات جدية للحلحلة، لجأ الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، خلال شهري دجنبر ويناير الماضيين، إلى مراسلة مؤسسات الحكامة بالمملكة، وعلى رأسها مؤسسة “وسيط المملكة” والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، طلبًا لتدخل يحرك المياه الراكدة.
لكن الردود جاءت فاترة؛ إذ تمسّكت مؤسسة الوسيط، شفويا، بمضمون جوابها السابق سنة 2021، والذي تحدث عن نية قطاع إصلاح الإدارة الانتقال من النموذج الحالي للوظيفة العمومية نحو نموذج جديد قائم على تدبير الكفاءات، دون تقديم خطة عملية أو آجال زمنية واضحة. أما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فلم يصدر عنه أي رد مكتوب، واكتفى بإبلاغ المعنيين أن النزاعات من هذا النوع تدخل ضمن اختصاص الوسيط.
وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس الحكومة إلى تفعيل الحوار القطاعي، يظل ملف المتصرفين معلقاً، إلى جانب ملفات فئوية أخرى، في انتظار ما ستسفر عنه جولة الحوار الاجتماعي المركزي المقررة خلال شتنبر المقبل، والتي من المفترض أن تجمع الحكومة بالمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
ويبدو أن هذا التراكم الطويل من التجاهل الرسمي والردود المكررة دون مضمون فعلي، أدى إلى تسلل الإحباط إلى صفوف المتصرفين، خاصة وأن كل الأشكال النضالية السابقة لم تحقق أي اختراق يُذكر. فئة واسعة من الموظفين باتت تشعر أن الدولة لا تضع ملفهم ضمن أولوياتها، رغم وضوح المطالب التي تتراوح بين تجميد الأجور وصعوبة الترقية، إلى ضعف التكوين والتأطير، وعدم وضوح المهام.
إن استمرار هذا الجمود لا يهدد فقط الاستقرار النفسي والمهني لهؤلاء الموظفين، بل يضع مصداقية الحوار الاجتماعي نفسه على المحك، ما لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة تنهي هذا التهميش المؤسساتي الذي طال أكثر من اللازم.