القانون 27 11 .. لماذا تأخّر عزل برلماني تازة؟

بالرغم من مرور قرابة سنة على صدور حكم قطعي من المحكمة الإدارية بفاس بعزل عبد الواحد المسعودي من رئاسة وعضوية جماعة تازة، لا يزال مجلس النواب يلتزم الصمت حيال هذا المعطى، دون أن يتخذ الخطوة الدستورية المفترضة بمراسلة المحكمة الدستورية لتجريده من عضوية البرلمان، وفقا للمادة الـ11 من القانون التنظيمي 27 11.

وما يطرح علامات استفهام عديدة حول خلفيات هذا التأخير، ويعطي الانطباع بأن مكتب المجلس يتريث متعمدًا حتى تكتمل سنة من التغيب غير المبرر عن الجلسات، تمهيدًا لتفعيل المادة 90 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، بدلًا من اللجوء مباشرة إلى المادة 11 التي تستوجب التجريد الفوري بسبب فقدان الأهلية الانتخابية، والمادة 91 التي تستدعي إجراء انتخابات جزئية في دائرة تازة.

وكانت المحكمة الإدارية بفاس قد أصدرت، بتاريخ 31 أكتوبر 2024، حكمًا نهائيًا تحت رقم 2146 يقضي بعزل عبد الواحد المسعودي، رئيس جماعة تازة والنائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك استنادًا إلى تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية التي سجلت مخالفات جسيمة واختلالات في التسيير، تهم صفقات وسندات طلب وجهت نحو مقاولات بعينها، ما يثير شبهة تضارب المصالح واستغلال النفوذ.

وقد تم عزل المسعودي بناء على المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات، بعد أن أوقفه عامل الإقليم في شتنبر من نفس السنة، وأحيل ملفه على القضاء الإداري، توازيا مع مباشرة الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس لأبحاث معمقة بشأن الصفقات العمومية للجماعة خلال ثلاث سنوات ماضية.

وبالرجوع إلى المنصة الرسمية لوزارة العدل "Mahakim.ma"، يتبين أن المسعودي لم يستأنف الحكم داخل أجل الشهر، ما يعني أن قرار العزل أصبح نهائيًا ومكتسبًا لقوة الشيء المقضي به. وهو ما يفرض تجريده تلقائيًا من عضوية مجلس النواب، استنادًا إلى المادة 11 من القانون التنظيمي 27.11 التي تنص على أن كل شخص فقد أهليته الانتخابية يجب أن تسحب منه عضويته البرلمانية، بموجب طلب يقدمه رئيس مجلس النواب أو وزير العدل أو الجهة المعنية.

ورغم هذه المعطيات القانونية الواضحة، فإن مجلس النواب لم يحرك ساكناً، ما يفتح الباب لتأويلات سياسية وقانونية بشأن أسباب التأخر.

ويرى خبراء في القانون الدستوري أن رئيس المجلس أصبح مطالبًا بمخاطبة المحكمة الدستورية على غرار ما وقع سابقًا مع النائب الاتحادي محمد بوصيري وغيره من البرلمانيين، الذي تم تجريده بعد عزله من الجماعة التي يرأسها دون أن يطعن في الحكم، وهو ما لم يفعل مع محمد بودريقة برلماني الأحرار سابقا.

وإذا ما تم تفعيل المسطرة القانونية المنصوص عليها في المادة 11، فإن المادة 91 من نفس القانون التنظيمي تُلزم بالإعلان عن انتخابات جزئية لتعويض المقعد الشاغر، إلا أن استمرار تغاضي المؤسسة التشريعية عن تفعيل هذه الإجراءات قد يُفهم منه أن هناك محاولة لربح الوقت من أجل تفعيل مادة مغايرة (المادة 90)، والتي تشترط الغياب غير المبرر عن جلسات المجلس لسنة كاملة، وهو ما يتجه إليه الوضع في حالة عبد الواحد المسعودي الذي لم يعد يظهر في الجلسات منذ عدة أشهر.