دخل الناشط الصحراوي والمحلل السياسي محمد سالم عبد الفتاح، على خط النقاش الدائر بشكل واسع داخل مواقع التواصل الإجتماعي، حول الوضع القانوني للكويرة وإمكانية أن تشكل بؤرة توتر للعلاقات الموريتانية المغربية، بحكم إنتمائه لأسرة كانت تستقر في الكويرة وعانت كباقي المنتمين للمنطقة الحدودية من التهجير ومصادرة الممتلكات والحرمان من العودة والإستقرار فيها.
وأضاف سالم عبد الفتاح في تدوينة على حائطه بالفايسبوك “أنه طالما تم توظيف ملف الكويرة من طرف خصوم البلدين لتأزيم الوضع في المنطقة وعرقلة العلاقات المتينة بينهما، لكن الغربان الناعقة للتصعيد والتوتر تمرر الكثير من المغالطات بخصوص الوضع القانوني لمنطقة الكويرة”.
وحسب المصدر ذاته”للتوضيح فموريتانيا ومنذ إنسحابها من نزاع الصحراء لم يسبق أن طالبت رسميا بمنطقة الكويرة، وخرائط الدولة الموريتانية الرسمية الصادرة عنها منذ سنة 1979، والمودعة لدى الأمم المتحدة لا تتضمن أي شبر من الصحراء، كما لا تتضمن منطقة الكويرة، ما يعني أن تواجد الدولة الموريتانية في منطقة الكويرة لا يتجاوز إدارتها بحكم الفراغ الإداري فيها الناجم عن حرب الصحراء في فترة إنسحابها، ولا علاقة لوجودها في منطقة الكويرة بممارسة أي شكل من أشكال السيادة الترابية..”.
وبالتالي فالكويرة يسري عليها ما يسري على بقية الصحراء، كون الأخيرة مسجلة لدى الأمم المتحدة كمنطقة نزاع، لكن المغرب يمارس سيادته على الغالبية العظمى من ترابها، ما عدى الشريط العازل شرق الجدار الذي تحكمه قواعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي إنسحبت منه البوليساريو في ما لا يزال المغرب متمسكا به.
ووفق المحلل السياسي “فبالنسبة لموريتانيا فقد كان تبرير تمسكها بإدارة منطقة الكويرة هو تأمين عاصمتها الإقتصادية نواذيبو التي تحتضن ميناء تصدير الحديد الذي يشكل ركيزة الاقتصاد الموريتاني، وقد أشار الرئيس الموريتاني الأسبق محمد خونا ولد هيدالة في مذكراته إلى إتصاله بالعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني بشكل سري لأجل إطلاعه على فحوى الإتفاق الذي وقعه مع البوليساريو في غشت 1979، ما يعني أن ولد هيدالة قد تحصل على موافقة المغرب الضمنية على الإدارة الموريتانية لمنطقة الكويرة”.
وشدد الأكاديمي قائلا “أما بالنسبة للمغرب فلا يزال يتمسك بسيادته على منطقة الكويرة، شأنها شأن كافة المناطق شرق الجدار، الذي حرص إبان إنشائه على الإبقاء على مسافات أمان تكفل مطاردة أي مخاطر أمنية دون الإضطرار إلى تجاوز حدوده الترابية. وهي المناطق التي أسس لجماعات ترابية تؤطر منتسبيها وتمثل ساكنتها التي هجرتها وأقامت في مدن الصحراء بسبب تطورات الحرب، حيث يوجد مجلس جماعي للكويرة وبقية الجماعات القروية الأخرى في مناطق شرق الجدار، كما يمثلها منتخبون في الهيئات المحلية والوطنية، في غضون توفر الظروف الملائمة لعودة ساكنة تلك المناطق لإستقرار فيها”.وختتم المحلل حديثه قائلا” يبقى أن التطورات الأمنية والعسكرية التي شهدها ملف الصحراء مؤخرا ستفتح المجال لإمكانية مراجعة الوضع القائم بمنطقة الكويرة، بحكم أن العاصمة الإقتصادية الموريتانية نواذيبو المحاذية للكويرة لم تعد عرضة لأي مخاطر أمنية ناجمة عن الصراع حول الصحراء، خاصة منذ العملية الأمنية التاريخية التي شنها الجيش المغربي في معبر الكركرات الحدودي القريب منها، وما أنتج عنها من إستحالة وصول البوليساريو إلى الجزء الجنوبي الغربي من الشريط العازل”.
كما أن “الجانب الإقتصادي والتنموي هو الآخر سيفرض مراجعة الوضع القائم في منطقة الكويرة، بالنظر للآفاق التنموية الهائلة التي تتمتع بها، بإعتبار موقعها الإستراتيجي الهام ومؤهلاتها الإقصادية الكبيرة، فلا يمكن تحقيق الأمن في المنطقة بدون تعميرها وإعادة ساكنتها الذين يعتبرون المعنيين الرئيسيين بمستقبلها، وخاصة وأن لديهم منتخبون يمثلونهم ويعبرون عن تطلعهم بتحقيق الأمن والإستقرار فيها، سيما وأن الغالبية العظمى منهم إستقرت داخل المغرب، فيما زادت أعدادهم منذ أطلق المغرب نداء للعودة نهاية ثمانينيات القرن الماضي”.