د. العضراوي يكتب: برلمانيون أربعة ومنطقة خارج مسار التنمية

واكبتم ولايتين متتاليتين للحكومة، حكومتكم وراكمتم مرتين أو أكثر تمثيلية الساكنة في البرلمان وانتم ما شاء الله عليكم اربعة برلمانيين؛ ثلاثة منكم في الحزب الحاكم وبرلماني رابع في حزب عتيد وحصيلتكم جميعا خمسة في خمسة أعوام عجاف ومنطقة شبه منكوبة وعارية من التنمية والخدمات وساكنة يعيش اكثر من نصفها تحت عتبة الفقر.
أيها البرلمانيون المحترمون لو كان لي لوم حقا للمت فقط ثلاثة منكم ينتمون الى الحزب الحاكم وتركت الباقي والسبب هو أنكم تدعون الإصلاح ومحاربة الفساد والعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، هذا شعاركم في كل استحقاق، وتلك حصيلتكم طيلة خمس سنوات برلمانية. لم نسمع صوتكم عن المنطقة التي نصبتكم أمناء على مصالحها ولم ترفعوا صوت الساكنة الى مركز القرار ولم تقدموا برنامج عمل ملموس للحكومة يترك اثرا إيجابيا على منطقة محرومة بشكل عقابي من كل المصالح العمومية الحيوية، أقلها مستشفى مركزي يلبي حاجيات الساكنة، هل رأيتم في مغربنا اليوم أن مدينة من مدن المملكة لا تتوفر على مستشفى؟ بالله عليكم أي مدينة في المملكة اشير اليها بالإصبع تتوفر على ثانوية يتيمة؟ أي بلدة في مغربنا العزيز لا تتجاوز المدارس الابتدائية بها عدد أصابع اليد؟ وأين مراكز تكوين الشباب وأين البنية الصناعية التي تحرك عجلة التشغيل وتدعم القوة المالية لخلق دينامية الإنتاج واين المؤسسات المنتجة التي تساعد على الرفع من مستوى الحياة في المدينة وتستوعب ذوي الدخل المحدود؟ أما العالم القروي فهو يموت بالتقسيط محروما من التدخلات الناجعة للمصالح العمومية تعليمية وصحية وغيرها، مع غياب ملحوظ للمصالح الفلاحية عن المجال، لقد أصبح الفلاح في هذه المنطقة فريسة الجفاف وضيق مصادر الرزق، حتى الغطاء النباتي المثمر الذي كان يساعد على تحقيق بعض الدخل من أشجار مثمرة وصبار وغيره أصبح في خبر كان، جراء امراض وأوبئة حصدت الكروم والتين والصبار والزيتون، فواجع يتجرع الفلاح مرارتها بمفرده، في حين تقف مصالح وزارة الفلاحة مكتوفة الايدي أمام الفاجعة وتتفرج من بعيد.
أيها البرلمانيون الفضلاء، نحن نقدر مسؤولياتكم الجمة كمشرعين واكيد ان دور البرلماني تشريعي وان التنمية من صلاحيات المجالس المحلية ولكن من صلاحيات البرلماني دستوريا التخطيط والتصميم والاقتراح وفتح عيون الحكومة على المناطق المعتمة في برامج التنمية والخدمات والاقلاع الاقتصادي والاجتماعي في منطقته.
من صلاحيات البرلماني المرافعة عن بلدته حين تكون هذه الأخيرة في وضع يدعو الى ذلك،
من صلاحيات البرلماني مطالبة الحكومة بإنصاف بلدته حين تكون ضحية اهمال او تناسي أو حين تعاني من نقص في بعض جوانب التنمية والخدمات،
من صلاحيات البرلماني الدفاع عن برنامج بلدته الاقتصادي والاجتماعي والخدماتي والمطالبة بتنفيذ هذا البرنامج على أحسن وجه؟
خمسة اعوام مرت وقبلها خمس اخريات يابسات، ايها السادة البرلمانيون؛ ومآسي المنطقة تكبر يوما عن يوم واشكالاتها تتشعب وساكنتها تتخبط في البؤس والتهميش والجمود وفضاؤها الجغرافي والبشري يغرق ببطء في بحيرة الواد الحار، اشكال بيئي عويص ، يثير الاستغراب والعجب ؛ لم تجد الحكومة ولا الجهة ولا الإقليم ولا الشركاء الاقتصاديون بالإقليم (رجال اعمال شركات وقطاع خاص كالمناجم والمصانع، والقطاعات الأخرى المنتجة كالفوسفاط والطاقة وغيرها يستثمرون آلاف المليارات في مشاريع جمة)، لم يجدوا جميعا سبيلا لردم تلك العاهة المستشرية في جسد البلدة وتخليص الساكنة من ويلاتها، هؤلاء جميعا يتفرجون على المأساة ولا يحركون ساكنا اتجاه الموت الذي يزحف ببطء على الانسان والحيوان والبيئة كما يزحف الليل على ما تبقى من ضوء النهار. ليست مبالغة أيها البرلمانيون الثلاثة من العدالة والتنمية وأنت أيها البرلماني الرابع من حزب كان بالأمس القريب ينادونه بحزب الدولة ويمتلك كل خيوط اللعبة وكان بإمكانه ان يفعل الكثير، ليس مبالغة ان أقول أن الامراض المميتة فعلت فعلها في الدواوير القريبة من بحيرة الواد الحار وان الساكنة برمتها حتى على بعد اميال منها تستنشق رائحة الخمائر البكتيرية والفيروسات المسببة لمختلف الأمراض، ليس فيما أقول مبالغة ولا لغو الكلام ولا مزايدة سياسية، ان الواقع يفرض نفسه على الجميع وكل شيء واضح للعيان ولا يخطئ الحقيقة ذو نظر.
أيها البرلمانيون الفضلاء، انتظرنا منكم خمس سنوات كي تقوموا بواجبكم في تحسيس المسؤولين في مركز القرار بخطورة ما يجري في منطقة سبت جزولة التي نصبتكم ساكنتها أعضاء في المجلس التشريعي، فأنتم أيها السادة الكرام جعلتم أنفسكم وكلاء عن الناس ومدافعين عنهم امام المؤسسات وأمناء على حياتهم وحياة اجيالهم، فإذا لم تكونوا مؤمنين بما تعملون ولا قادرين على أن تقاسموا الناس الشعور بما يقاسون وغير قادرين على توصيف بمعاناتهم ولا منتدبين للتعريف بالحاجة والنقص الشديد في الخدمات والفاقة والبطالة التي تعيشها ساكنة هذه المنطقة؛، انسحبوا من قائمة الاختيار ولا تعودوا الينا مرة أخرى بالورد والشموع، فلن يراهن عليكم أحد؟